رئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل وسائر القوّات السماويّة

mjoa Sunday November 7, 2010 219

رئيسَيْ الملائكة ميخائيل وجبرائيل وسائر القوات السماويّة العادمة الأجساد

angels منذ أقدم الأزمنة وللملائكة في العبادة ذكر ولها في حياة العابدين دور وأدوار حتى يكاد لا يخلو أكثر أسفار العهد العتيق من وقفة عندها إشارة إليها.

غير أنّه كان دائما ثمّة خطر أن يغفل القوم طبيعة الملائكة الشفافة التي يفترض أن تشير إلى السيد الرب دون أن تشهد لنفسها. فإذا ما وقف الناس عندها وشغفوا بها دون الإله الحي الحقيقي، سقطوا في الهرطقة. مثل ذلك ما سقط فيه العبرانيون قبل الملك حلقيا، على ما ورد في كتاب الملوك الثاني(23 : 5)، حيث نقرا أن كهنة الأصنام الذين أقامهم ملوك يهوذا كان يحرقون البخور “للبعل والشمس والقمر والأبراج ولجميع قوات السماء”. ومثل ذلك ما نبّه إليه الرسول بولس بقوله :”لا يخيبكم أحد من جعالتكم مبدعا مذهب تواضع وعبادة للملائكة”، ومثل ذلم أيضا ما أشار إليه القانون الخامس والثلاثون من مجمع اللاذقية في فريجية (343 -381 م) بشأن عبادة للملائكة شاعت في ذلك الزمان فأعلن أنه :” لا يجوز لمسيحيّين أن يتركوا كنيسة الله ويذهبوا ويبتهلوا للملائكة ويجمعوا جماعات. فكلّ هذا ممنوع. وكلّ من يمارس عبادة الأصنام في الخفية فليكن مبسلا (مقطوعا) لأنّه ترك ربنا يسوع المسيح وتبع عبادة الأوثان”. ثيودوريطس المؤرخ (393م- 466 م) قال إنّ عبادة الملائكة شاعت في فريجية وبيسيدية وطال أمدها وأنه كان فيها معابد لميخائيل رئيس الملائكة. والقدّيس أبيفانوس القبرصي قال إنه كان يوجد شيعة قديمة تدعى شيعة الملائكيين كانت تعلّم أنه يجب ألا المعونة من المسيح أو نقدّم أنفسنا لله بواسطته لأن هذا فوق ما تستحقه الطبيعة البشرية لأن يسوع المسيح نفسه هو فوق البشر. وعوض ذلك، يجب أن نطلب معونة الملائكة.

كلّ ذلك يدعو إلى تقصي الحقائق بشأن الملائكة : من هم؟ ما هي ميزانهم؟ ما هو دورهم؟ ما هي مراتبهم؟وما هي أسماؤهم؟ بكلمة، ما تعلّمه الكنيسة بشأنهم.

يذكر أن من استفاض في الخديث عن الملائكة كان، بصورة أخص، كاتب مؤلف “المراتب السماوية” المعروف، بديونيسيوس الأريوباغي المنحول.

 

طبيعة الملائكة:

الملائكة مخلوقات إلهية نعرّف عنها ب”الأنوار الثانية” حيث إن الإله البارىء هو النور الأول غير المخلوق. وهي ثانية لأنها تقتبل بنعمة الروح القدس اشعاعات النور الأول وتشترك في سرمديته. أبدعها الله قبل العالم المنظور الذي نعرف، وكمّلها بالقداسة، جاعلا إياها أرواحا وخدّاما كلهيب النار (انظر المزمور 103) واسمها معناه في الأصل اليوناني “رسل”. وهي حرة من ثقل الجسد،عاقلة وفي حركة دائمة لا تتوقف. تعاين الله على قدر طاقتها ولها

من المشاهدة قوت لذاتها وثبات وغلة وجود.وهي وإن كانت حرة من انفعالات الجسد لكنها ليست بلا هوى كمثل الله لأنها كائنات مخلوقة. من هنا أن الملائكة وإن لم تكن لتجنح إلى الشر إلا بصعوبة، لكنها ليست بمنأى عنه إمكانا. ومن هنا ، أيضا، أن عليها أن تحسن استعمال الحرية التي يسبغها الله عليها لنحفظ ذواتها في الصلاح وتنمو في مشاهدة الأسرار الإلهية لئلا تجنح إلى الشر وتبعد عن الله. وحيث لا جسد لا توبة ترتجى.

على أن الملائكة وإن كانت بلا أجساد فهي ليست غير هيولية تماما.وحده الله كذلك، والملائكة محدودة في الزمان والمكان، ليس بإمكانها أن تكون في أكثر من مكان واحد في وقت واحد. لكن طبيعتها اللطيفة تتيح لها أجتياز العوائق كمثل الجدران والأبواب وما إليها، ومتى أوكل إليها السيد الرب بمهمة لدى الناس. وهي لذلك تتخذ شكلا جسدانيا يتيح لنا رؤيتها، كما أن خفتها وسرعتها الخارقة تؤهلها لإجتياز المسافات لتوّها.ولها من الله، متى أوفدها، علم كامل دقيق نفّاذ بكل ما تخرج من أجله. وإن تنبأت فبنعمة من عنده وأمر، وهذا ليس من فضلها.

 

رقباء على الأرض

والملائكة جعلها الله رقيبا على الأرض، تسود على الشعوب والأمم والكنائس وتضمن نفاذ المقاصد الإلهية وتمامها نحو البشر، جماعات وأفرادا. ولكل منا بصورة غير منظورة ملاك حارس من عند الله، عينه علينا دونما انقطاع،وهو واقف لدى الله في آن، كمثل ما ورد على لسان الرب يسوع المسيح :”إياكم أن تختقروا أحدا من هؤلاء الصغار، أقول لكم أن ملائكتهم في السماوات يشاهدون أبدا وجه أبي الذي في السماوات” (متى 18 :10-11 ). وهذا الملاك الحارس يوحي لنا بالصلاح عبر الضمير فيعيننا على إجتناب فخاخ الشيطان ويؤجج فينا نار التوبة الخلاصية إن أثمنا.

 

مراتبها

والله وحده العارف بصنف الطبيعة الملائكية وحدودها. وهي واحدة من نحو الله، أما من نحونا فلا تعدّ ولا تحصى. والكلمة الإلهية بشأنها في سفر دانيال هي هذه :”. . .وتخدمه ألوف ألوف وتقف بين يديه ربوات ربوات”(دانيال 7 :10 ).وهي وإن تعذر على الآدميين أحصاؤها فالتراث يجعلها في تسع مراتب موزعو على ثلاث مثلثات كأولاها تلك الواقفة أبدا في حضرة الله والمتحدة به بصورة فورية،قبل سواها ودونما وسيط.وهذه هي السارافيم والشاروبيم والعروش. فأما السارافيم فاسمها في العبرانية “المشتعلة”، ولها حركة سرمدية ثابتة حول الحقائق الإلهية تؤهلها للإرتقاء بمن هم دونها في الرتبة إلى الله من خلال إزكاء الحرارة المطهّرة النورانية التي للفضيلة. وأما الشاروبيم فلها غير وظيفة، واسمها يشير إلى تمام معرفة الله.لذا نصوّرها ممتلئة عيونا من كل صوب دلالة على أهليتها لمشاهدة النور الإلهي. وأما العروش فهي التي يستريح الله فوقها في سكون بلا هوى.

وأما المثلث التالي فهو السيادات والقوات والسلاطين، وهو الحلقة الوسطى التي تبث مراسم السيد الإله على نحو منظوم وترقى بالأرواح الدنيا إلى الأقتداء بالله.
وأما المثلث الأخير فينجز المراتب السماوية، وقوامه الرئاسات ورؤساء الملائكة والملائكة، التي بها نبلغ المراسم الإلهية. ولما كان هذا المثلث هو الأدنى إلينا فإن الملائكة فيه هي التي تنزل علينا بهيئة جسمانية متى شاء ربها.

ثم بعد المراتب الملائكية التسع يأتي آدم في المرتبة العاشرة وبه أكتملت الخليقة.ولكن آدم سقط وأضحى تحت العبودية للموت.لذلك بادر الكلمة من العلى لأنتشاله من الجّة.والقول أنه أجتاز المراتب الملائكية إلى آدم وتجسّد وصلب وقام من بين الأموات وصعد إلى السموات. وبالكلمة المتجسد، بالرب يسوع المسيح، اجتازت بشرتنا لا إلى حيث كانت أولا وحسب، بل تخطت حتى المراتب الملائكية بأسرها، وسمت عليها لتستقر، في شخص السيد الإله الإبن المتجسد، إلى يمين الله الآب.

 

شيمتها

هذا وإن شيمة الملائكة قاطبة أن تصدح أبدا بالتسبيح بالنشيد المثلث التقديس (التريصاجيون) مشيرة به إلى العزة الإلهية وإلى دهشها المتواصل والمتعاظم إزاءه. ولنا في الإصحاح السادس من نبوءة اشعياء صورة عن ذلك :” رأيت السيّد جالسا غللا عرش عال رفيع، وأذياله تملأ الهيكل. ومن فوقه سرافيم قائمون، ستة أجنحة لكل واحد، بأثنين يستر وجهه، وبأثنين يستر رجليه، وبأثنين يطير، وكان هذا ينادي ذاك ويقول :” قدوّس قدوّس قدوّس، رب الصباؤوت، الأرض كلها مملوءة من مجده “.

 

الطروباريّة

يا زعماء الأجناد السماويّين، نتوسل إليكم دائماً نحن غير المستحقين،

حتى أنّكم بطلباتكم تكتنفوننا بظلّ جناحَي مجدكم غير الهيولي،

حافظين ايّانا نحن الجاثين والصارخين بغير فتور:

انقذونا من الشدائد، بما أنّكم رؤساء مراتب القوات العلويّة.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share