دموع التوبة

mjoa Monday April 4, 2011 311

mary of egyptفي سيرتـها الـتي كتبها القديس صفرونيوس بطـريـرك أورشليم كانت هـذه الـفتاة تـتعاطى الـرذيـلـة في الإسكندرية فـي الـقـرن الـرابع ثم حجت إلى الـقـدس ولـكـنـهـا تابـعـت هـناك الـفجـور. فـلـما أرادت دخول كـنـيـسة الـقيـامـة مـنـعـتـهـا قـوة إلهية مـن ذلـك فـتـأثـرت وعـمـدت إلى تغيير حياتها. ولـمـا تـابت استطاعـت الـولـوج إلى الـكـنـيسة وفـي الـنـهار ذاتـه عبرت الأردن وتـوغـلـت فـي الـبـريـة هـنـاك وعـاشت عيشة قاسية لا يـحـتـمـلـهـا إنسان وكـانت تـصلـي وحدها للإلـه وحده. وفي أواخر عمرها حضر إليها راهب دلـه الـلـه عـليها اسمه زوسيما أخبرته بحياتـها وطـلـبـت إليه أن يـحضـر إليها جسد الـرب ونـاولـهـا يـوم الخميس الـعـظـيـم فـي السنة الـتـالـيـة ومـاتـت فـي الـيـوم نـفـسـه.

إنها قـدوة لـلتائـبـيـن الـمحاربـيـن الـهوى بـالـنسك. نـار الـخطـيـئـة الـتي كـانت تـتأجج فيها صارت نـار الـحب الإلـهـي. هدأت العاصفة بالـتوبـة الصادقـة. هـذه الـتـي سقـطت إلى اسفل دركات الـمعـصيـة ارتـفعـت إلى ذروة الـقـداسة، ولـما رأى زوسيما الـقداسة تـطـفـح مـنـهـا أحنى رأسه حتى الأرض مـع كونـه كاهـنـا. لـقـد محت مـن نـفسها بـالـجهاد الكـبيـر كـل تـخيـل شرير كـان يـهـاجمها أخذت تـرى صورة الـعـفة ولـم تشك أن اتـكـالـها عـلـى يسوع كـان مـن شأنـه أن يحررها مـن كـل طـيـف لـلـخـطيئة لـو هـاجمها مـن جـديـد في بـريـة الأردن حيـث عـاش جـمـهـور مـن الـنساك الـكـبـار.


هـذه الـتـي ظهر ضعفـها فـي أنها أرادت شيـئـين مـتـنـاقضيـن: الـزيـارة الـمـقـدسة واتبـاع الشـهـوة أقـامـهـا الـلـه فـي حضرة الـمصلـوب. كانت قصدت رؤيـة الـصلـيـب الـكـريـم فصلبـها حبـها ليسوع عـلـى صلـيـب غـيـر مـنـظـور صار لـها مـصدر قـيـامـة لـها مـن كـل ما عـلـق فـي ذهـنـهـا وقـلبها مـن ذكرى الـجـسد الـجامـح. هـذه الـتي انطـفأ قـلبها بـالشرور استعادت إلى قـلـبـها ضياء الـمسيـح فاستحقت أن تسمى أمنا الـبـارة بـمـعـنى أن سيرتـها تـلـهمـنـا الـبـر لـنـصيـر فـيه سكان الـمجد الإلـهـي. هـذه الـتـي أهملت تـفعـيـل مـعـمـوديـتـها بالـفضائـل جددت عمادها بـالـدموع. “ومـن لا يـعـتـمـد بـدمـوعه يكـون قد اعتـمد فـقـط بـمـاء” (سمـعـان الـلاهـوتـي الـحديث).

هكذا صارت أيقونة للـمسيح حيـة كما كان في الأحد الـمـاضي الـقديس يـوحـنـا كاتب سلم الـفـضائـل أيقونة لـلسيد. فقبـل أن نشاهـد الـمسيـح مصلوبـا فـي الأسبوع الـعـظـيـم الـمـقدس نرى فـي أواخر الـصيام أصحابه مصلـوبـيـن هـم أيضا مـن حـيـث انـهـم “صلـبـوا أجسادهم مـع الأهـواء والشهـوات”. كـل الـصيام صلب روحي لـلـمجـاهـد الـحقـيـقـي والـجـهـاد الأكبـر عـنـدنـا التوبـة إذا كانت تـغـيـيـرا كـلـيـا لـلـحـيـاة الـتـي نـقـضـيـها في هـذا الـدهـر.

الـتوبة هي قبـل كـل شيء أن نـجـعـل فـكـرنـا مـوافـقـا لـفكـر الـمسيـح، أن نـعـقـل الأشياء كمـا كـان يـعـقـلـهـا. وإذا بـتـنـا نفكـر مثـل الإنجيـل نـتـروض عـلى أن نسلـك السلوك الإنجيـلي. الـتوبـة ليست مجرد قرار نـتخذه بـقـوة الإرادة. هي قـبـل كـل شيء أن نـقـتـنع بـكـل ما عـلـمـه السيد، أن نحب ما احـبه وان نـكـره ما كرهـه. فإذا سكـن الـمـسيـح فـي الـفكـر يـنـزل بـعد ذلـك إلى الـقلـب فإذا بكـل خاطرة عـنـدنـا خـلـجة مـن خـلـجات الـمـسيح وهـكـذا نـقدر بـنـعـمتـه أن نـعـمـل في كـل حـيـن مـا يـرضيـه.

الـتوبـة هي استقرار الـفصح فيـنـا. إنها تـتطـلب جـهـدا مـوصولا يكـلـفنا انفصالا كـليا عـن كـل رأي مخالـف لـرأي يسوع. الـخـطـيـئـة تـغـطـي وجه السيد وتـحول دون رؤيـتـنـا لـه. طـهارة الـقـلب وبساطتـه وتـواضعـه هـي حـلـول الـفـصح الـدائـم فـي كـيـانـنـا الـعـمـيـق.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share