ترأس سيادة المطران جورج خضر قداس عيد الميلاد في كنيسة ميلاد السيدة – منصورية المتن

mjoa Tuesday January 1, 2013 107

صباح الثلاثاء في الخامس والعشرين من كانون الأول، ترأس سيادة راعي الأبرشية القداس الإلهي في كنيسة ميلاد السيدة في منصورية المتن بحضور جمع كبير من المؤمنين. ألقى سيادته العظة التالية:

الحديث عن نزول ابن الله الى الارض، الى هذه الدنيا يأخذ وقتًا طويلا، لأنه أَخذ حبّنا وأَعطانا حبّه. وهذا يحوجنا الى اختطاف، الى أن نرتفع كما هو تنازل، لأن القضية أن نرث هذا العيد، ليس أن نقيمه، أن نرثه في سلوكنا.

المسيحية تبدأ في هذا أنك تُشاهد الله، عظمتَه ومحبتَه، وكيف دلّنا على محبته لنا. البشرية كلها تؤمن بإله او آلهة. ولكننا نحن نقول شيئا جديدا، وهو أن الله لم يبقَ في السماء فوق. ليس من فوق. الله ليس فوق. هناك عرش واحد لله وهو قلب الانسان. يحلّ فينا جميعًا. وجاءت المسيحية لتقول إنه حلّ واقعيّا منذ أَلفي سنة لما أَرسل ابنه مولودا من امراة، حتى يصير مولودا من كل واحد منّا. الذي يُطلق المسيح في العالم لأنه يحب هذا المخلّص، الذي يُطلقه بعد أن يتطهّر، لأن الدنسين ليس فيهم مسيح. إذا استطعنا أن نتنقى نرمي المسيح في العالم، في الناس، ويصبحون مسحاء، أي ابناء الله بالتبنّي.

هناك ابن واحد لله وهو المسيح. ولكنه ما أراد أن يحتكر هذه البنوّة لنفسه. أراد أن يوزّعها. أراد أن يعطيها للناس. لم يفرح المسيح أنه هو وحده ابن الله. هو وحده ابن الله في الجوهر وفي الأزلية. ولكنه أراد أن يُشرك الناس في بنوّته. ولذلك قال الرسول في ما قرأناه من رسالته الى أهل غلاطية: “لمّا حان ملءُ الزمان”. أراد الله ان يختم الأزمنة التي أَوجدها. كيف يختمها؟ كيف يحضُر الله في زمان الناس؟ “لما حان ملءُ الزمان”، اي هذا المجيء هو إكليل الأزمنة كلها. هذه كانت فارغة قبل حلوله على الارض. يعيش الناس، يتزوجون، يعملون، يغتنون، يصنعون حروبًا… هذا ليس “ملء الزمان”. هذه أزمنة رديئة. “لما حان ملءُ الزمان، أَرسل اللهُ ابنه مولودًا من امرأة لننال التبنّي”، اي نُصبح أبناء الله بعد أن كُنّا عبيدا لله. ليس عند الله عبيد. نحن لسنا عبيد لله. نحن أبناء. صرنا أبناء. كنا أبناء الغضب وحلفاء الشياطين. الآن نحن أبناء في علاقة حميمية. هناك عشق. الكلمة ليست منّي. الكلمة من القديسين. إغناطيوس الأنطاكيّ قال، متحدثا عن السيد: “إن عشقي مصلوب”.

“لننال التبنّي”، حتى نصير أبناء بعد كنّا عبيدا. في كل الديانات، الإنسان عبدُ الله الا عندنا. نحن لسنا عبيد الله. نحن أبناء الله. نحن فوق. نحن في أحضانه. ويقول الرسول هذا: “بما أنكم أَبناء”، يعني بما أنكم صرتم أبناء، لأنكم هكذا، “أَرسل اللهُ روح ابنه”، اي الروح القدس، “صارخا (بالآراميّة) آفّا”، وبالعربيّة “الآب”. “آفّا” كلمة عند اليهود في فلسطين يقولها الطفل الصغير لأبيه. عندنا بالدارج: “يا بابا”. المسيحية اخترعت هذه القصة أن الله أب. الله لا يضرب الناس، ولا يُخيف الأولاد الصغار. هناك مسيحيون بينكم يُخيفون أولادهم بالله. الله لا يضرب أحدا ولا يُقاصصأحدا. “آفّا” هي الكلمة التي يقولها الصغير غُنجًا لأبيه، ونحن نقولها لله.

يُكمل بولس هذا الكلام. بولس نشأ في اليهودية في دين العبودية، في دين الخوف. ينفجر بولس بهذه الرسالة ويقول: “لستَ بعدُ عبدا، بل انت ابنٌ”. هذا لا يُعطينا مجالا او ذريعة لكي نخطأ. الابن يتقرّب من أبيه بالحب، ليس بالخوف.

“أنتَ ابنٌ”. سنُقيم هذا العيد اليوم، عالمين أننا أبناء، أننا مثل المسيح في حضن الآب، في غنج الآب. إذهبوا وافهموا هذا، آمين.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share