عظة بطرس الأولى يوم العنصرة

mjoa Saturday June 21, 2008 955

عظـة الرسول بطرس (او خطبته) يـوم العنصرة (أعمال الرسل 2: 14-41) تتميّز بأنها اوّل خطبة يلقيـها أحد أتبـاع يسـوع بعد صعـوده الى السماء، هي اذاً بمثابة انطلاق البشارة المسيحية الى العالم كلـه. ويشكّل مضمون هذه العظـة نموذجاً سوف يتكـرر في عظات الرسول بطرس اللاحقـة والواردة في سفر أعمـال الرسل. 

.

 

 فـي فاتحـة عظـتــه ينبّــه بطـرس سامعيــه الى أن ما يـرونـه اليــوم ليـس الا تحقيـق لوعد الـلـه الوارد في نبـوءة يـوئيـل القائل: “في الايـام الاخيرة أُفيـضُ مـن روحي على جميـع البشـر… فمـن دعـا باسـم الـرب يَخـلُـص” (يـوئيـل 3: 1-5، واعمال 2: 17-21). الـروح القـدس حـلّ على التـلاميذ، ولكن الجـديـر بالـذكر في هذا الكـلام هـو أن الـرب المقصـود في نبوءة يـوئيـل إنما هــو يهـوه (وهـذا بحسب النــص العبري)، بيـنـما الـرب فـي خطبـة بطـرس ليــس ســوى يســوع المسيـح. بطـرس هو اول من بشَّـر بألوهـة يسوع المسيـح حـين أطلق اللقـب الخاص بإلـه العـهـد القـدـيم على يســوع النــاصري.
 
 ثم يعـرض بطـرس لحيــاة “يسـوع الناصري” ولعجائبه ومعجزاتـه وآياتـه وصلبـه وقيامتـه ورفعــه الى السماء وإرسالـه الـروح القدس، وينتـهـي الى القــول: “إن اللـه جعـل هـذا الذي صلبتمـوه انتم ربا ومسيـحا” (اعمال 2: 36). وعندما سألـه الحاضـرون عما يجب فعلـه، أجابهـم بطـرس قائلا: “تـوبـوا وليعتمد كل واحد منكم باسـم يسـوع المسيـح، فتـُغفر خطاياكم ويُنـعــم عليكـم بالروح القـدس” (الآيـة 38)، فاعتمـد للحين نحو ثلاثــة آلاف نفـس.
 
 اللافت في عظة العنصرة وفي كل عظة اخرى أمـور عديدة:

  • الموضوع الأساسي في هذه العظـة هـو مـوت الرب يسوع المسيـح ابن اللـه وقيامته من بين الاموات، وهذا يعـني أن عمل يسوع المسيح الخلاصي هو محور بشارة الرسل. كل أعمال الرسل ورحلاتهـم التبشيـرية محورها يسـوع المسيـح، وهـذا ما كان ليتم لولا الروح القدس وتأييده لهم. كل عظـة تخـلو من ذكر يسوع المسيـح هي عظـة ناقـصة، ذلك أن الرسل هـم رسل المسيـح وليســوا رسل أحد آخر.
  • إستشهـاد الخطيب بآيـات عديدة من العـهد القديـم وتفسيـرها بأنهـا تشيـر الى يسـوع المسيـح او الى الروح القـدس، وهذا يعـني أن العهد القديم هيأ لمجيء المسيـح بطـرق شتـى. فقد ذكر الرسول في خطبتـه آيات من نبــوءة يوئيـل ومـن المزاميـر، وحين أراد الإشارة الى ربـوبيـة يسـوع ذكر الآيـة الشهيرة: “قال الرب لربي اجلـس عن يمينـي حتـى أجعـل أعداءك موطئـا لقدميك” (مـزمور 110: 1). إعتماد الرسل في بشارتهـم على العهـد القـديم ليدعمـوا أقــوالهم لأكبرُ دليل ضد الذين يـرفضون العهد القديـم لسبب او لآخـر، كما أن خلـوّ أي عظـة من نصوص الكتاب المقـدس بعـهديـه إنمـا يشكـل ضعـفا كبيـرا.
  • حضور الآب والابـن والـروح القـدس في كل عمـل خلاصي، وهـذا بَيّنٌ في الآيــة التـي تقـول: “فلما رفعــه اللـه بيمينــه الى السمـاء، نـال من الآب الـروح القدس الموعود بـه فأفـاضه علينـا” (الآيـة 33)، هـذه الآيـة تدل على علاقة متبادلــة: فمـن ناحيـة نـرى أن اللـه يشهـد ليسـوع في حياتـه وأعمالـه الأرضيـة وقمتــها الصعـود، ومــن ناحيـة أخرى نجد أن يســوع يشهـد للـه بإرسالـه الـروح القـدس الى العالـم.
  • الدعـوة الى التـوبـة وتقبـُّل المعموديـة ونعـمـة الروح القـدس. صحيح أن الرسول دعا هنـا الى الاعتماد باسم يسـوع المسيـح، ولكنـه لا يغفـل في الـوقـت ذاتـه أن يذكر نعـمـة الروح القدس المرافقة للمعـموديـة. وقد ورد في مكان آخر من سفر أعمال الرسل أن الرسولين بطـرس وبـولس قد صلّيا للسـامـريين حتى ينــالوا الـروح القدس “لانـه ما كان نـزل على أحد مـنـهـم، الا أنـهم تعمّدوا باسـم يسـوع المسيـح، فـوضعا أيـديهمـا عليهـم، فنـالـوا الـروح القـدس” (اعمـال 8: 16). لا شك أن الاعتماد باسم الآب والابن والـروح القدس وليـس فقـط باسـم يسـوع المسيـح قـد سـاد منـذ بدايـات الكنيسـة.

    ليست خطبـة بطـرس الـرسول خطبـة لاهـوتـيـة او علـمية او تاريخيـة وحسـب، بـل هـي دعــوة الـى الـتوبـة والـدخـول فـي الحيـاة الجـديـدة الـتي افتـتحـها يســوع الـمسيـح، كما أنـها دعـوة الى اقتـنـاء نعمـة الـروح الـقدس. الـروح الـقدس الـمستريح فـي يسـوع الـمسيـح مستريـح في جسد يسـوع الـمسيـح، اي في الكنيسة وهـو الذي يجعـل الـمـؤمنيـن هياكـل للحضـور الإلـهي.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share