الكذب لا لون له ولا حجم

mjoa Wednesday July 2, 2008 370

“لا تكذبوا” (لاويين 11:19) ، وصية هامة أوصى بها الله ولم يميّز فيها بين كذبة بيضاء أو سوداء، كبيرة أم صغيرة، بريئة أو خبيثة. هذه كلها تصنيفات بشرية الهدف الوحيد منها إراحة الضمير واستمرار العيش دون وخز مستمر يُقلق الراحة ويعرقل المسيرة نحو ما يسميه الناس الحياة الهانئة.

للأسف غاب عن فكرنا نحن البشر أن الكذبة التي نعتبرها بيضاء اليوم، بتراكمها وتكاثرها تصبغ شخصيتنا بصفة الكذب. وهذا البياض الذي أضفيناه عليها سينقلب سوادًا في سجلنا المجتمعي وسيشير الينا الناس بلقب “كذّاب”، الذي لا أعتقد أبدًا أنه لقبًا “يبيّض الوجه” كما سبق وبيضّنا الكذب.

.

كما أننا في كثير من الأحيان نستخدم الأحجام في وصف الكذب وغيره. فنرى كذبة صغيرة وأخرى كبيرة، متجاهلين بذلك فكرة أن الصغير لن يطول به الوقت ليصير كبيرًا. وبالتالي الكذبة الصغيرة لن تلبث أن تصير كبيرة فتغطي صاحبها، وتصبح كثوب يلفّه من رأسه الى أخمص قدميه بحيث لا يستطيع العيش دون كذب. ويصل به الأمر الى أن يكذب على نفسه ويصدّق الكذبة.

وأيضًا يا لخيبة هؤلاء الذين يدّعون أن في الكذب براءة وخبث، وأن الكذبة البريئة ضرورية أحيانًا لتمرير أمر ما أو لإبعاد إزعاج قد يأتينا من هذا أو ذاك من البشر. هؤلاء يعتقدون أنهم بذلك يتجنبون الكذب الخبيث المؤذي. ولكن قد فات هؤلاء التفكير أنهم إذا ما اعتادوا الكذب البريء على الغريب، لن يترددوا في الكذب على القريب والصديق. وهكذا فالكذب ولو كان بريئًا بنظرهم، سيفقدهم حتى أقرب الناس اليهم، إذ لا أعتقد أن أحدًا يحبّ البقاء على علاقة بكذّاب ولو كان كذبه بريئًا.

لنفكّر إذًا جيدًا بالأمر، وقبل أن نفكّر بصفة نلصقها على الكذب، فلنفكر بألا نكذب. وكما أن الحق حق لا لون له ولا حجم كذلك عكس الحقيقة كذبٌ لا لون له ولا حجم.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share