أتوا اليه صيادي سمك وأصبحوا صيادي الناس (لوقا 5:01)، كما قيل: “هانذا مُرسِلٌ صيادين فيقتنصونهم عن كل الجبال والمرتفعات” (ارميا 16: 16)! لو كان أرسل حكماء، لقالوا انهم اقنعوا الشعب فكسبوه، او إنهم خدعوه فاستولوا عليه. ولو كان الرسل أغنياء لقالوا انهم موَّهوا على الشعب بإشباعه، او انهم رشوه فسيطروا عليه! ولو أرسل أقوياء لقالوا انهم هوَّلوا له بالقوة او قمعوه بالعنف!
غير أن الرسل لم يكن لديهم شيءٌ من كل هذا. فقد أظهر الرب ذلك للجميع بمثل سمعان، كان جبانا فخاف من صوت خادمة -عندما انكر السيد- (متى26: 69)، وفقيرا فلم يستطع أن يدفع قسطه من الجزية (متى 17: 24-27)، ويقول: “ليس لدي ذهب ولا فضة” (اعمال 3: 6). ولم يكن مثقفا ليعرف أن يتخلّص بحيلة عندما أنكر الرب.
فخرج اذن صيادو السمك هؤلاء، وتغلبوا على الأقوياء والأغنياء والعقلاء. يا للأعجوبة العظمى! ضعفاء على هذا الشكل استمالوا الأقوياء الى عقيدتهم بغير عنف، مساكين علَّموا الأغنياء، وجهلة جعلوا من الحكماء والفقهاء تلاميذ لهم. لقد افسحت حكمة العالم مجالا لهذه الحكمة التي هي الحكمة بالذات.