لاهوت الحركة – المؤتمر 11 – 1969

mjoa Sunday August 10, 2008 272

الحلقة التدريبيّة الأولى – ضهور الشوير

1. هل من تحديد لاهوتيّ للحركة؟
 

         الموضوعات التي سأحاول أن أعالجها معكم تدور حول لاهوت الحركة هذه. كانت ولا تزال واقعاً ولكن كل واقع يجب أن يُدرِك لاهوتيّاً أي يجب أن يعرف بالإضافة إلى الله. ولذا لا يكفي أن نتعرّف إلى الحركة كظاهرة تاريخيّة لكن يجب أن نفهم كنه الحركة بالنسبة إلى الله أي في تدبير الله المتجسّد. قال أحدهم: أنّ الحركة مشغولة في البحث في لاهوتها. أقول جواباً عن هذا إنّ كلّ ما صار بعد التجسّد الإلهيّ هو بحث في لاهوت الأمور الطارئة. التاريخ المسيحيّ لا يبحث إلا في المسيح وما ظهر بعد المسيح لكن بالإضافة إليه. ليس من الابتداع إذا انشغل الحركيّون بالتعرّف لاهوتيّاً عن أنفسهم. الرهبانيّة، عاشت الكنيسة بعدها وقبلها هنا وهناك ولكن نرى الرهبانيّة مشغولة بتحديد نفسها. لذلك الأمور التي تشمل تاريخيّاً يمكن أن تعرف لاهوتيّاً لأنّ الله لا يزال ممتدّاً في التاريخ ومهتمّاً بالكنيسة فيمكن أن تُضاف الأمور إليه.

.

          هذا ما يجعلنا نفتّش عمّا هو دائم وعمّا هو طارئ في الحركة. اللاهوت المسيحيّ يهتمّ بجوهر الأمور وبأساسها. ولكن جوهر الأمور نصلّ إليه بالانطلاق من الواقع. ففي الحركة أمور طارئة وأمور دائمة وعلينا أن نتبيّن هذا العنصر الدائم لنعرف عنها بالإضافة إلى الله. هكذا لا نبتعد ولا نحيد عن سرّ التدبير نفسه، سرّ التجسّد. ابن الله دخل في التاريخ وبالانطلاق من دخوله نعرّف عنه. وصلنا إلى معرفة الله وصفاته وعلاقته معنا عن طريق حادثة تاريخه، حادثة التجسّد. لذلك أؤكّد أنّه لا غرابة في الوصول إلى تحديد الحركة لاهوتيّاً. صح أنّنا لم نكن مهتمّين في البدء بهذا التحديد. ولكن كنا عارفين أنّ هذا شيء كبير و كنا عارفين أنّ الجماعة التي هي نحن ليست الحركة بل هي تحمل الحركة والحركة من هذا القبيل أبعد من كتلة. فلذلك سمّيناها من البدء حركة لا جمعيّة كأنّنا كنّا متفهمّين أنّ الأمر كلّه بالوثبة بديمومة الإصلاح. وكما أنّ المادة يُعرّف عنها بأنّها طاقة في العلم الحديث أعتقد أنّنا نستطيع أن نقول أنّ الجماعة الحركيّة التي نؤلّف ما هي إلا الركيزة لتحمل الطاقة الخلاقة في كنيسة المسيح اليوم. ديمومة الإصلاح هذا أمر مقرّر لقد حدّد لوثر الكنيسة بأنّها دائماً مصلحة وأنّها واجبة الإصلاح. هذا يُمكن أن يُعطى معنىً أرثوذكسيّاً. إذ ميّزنا بين قوام الكنيسة وبين حياتها واندفاعها يُمكن أن نقول أنّ الكنيسة في قوامها في أصلها من حيث هي جسد المسيح وذات سلطان وتستمدّ هذا السلطان من المسيح وامتلاكها للأسرار لا تصلح. ولكن الكنيسة من حيث حياة الروح القدس من حيث أنّ هذا الإطار الكهنوتيّ معبّأ بالروح القدس يمكن أن تصلح لأنّها تحتاج إلى قوة متزايدة من نعمة الروح. إذا كانت الكنيسة لا يكفيها أسرارها ونظامها ولاهوتها يجب أن يكون هناك مؤمنون يفهمون كلّ هذا التنظيم ويضفون هذا إلى الله وعلاقة الرمز بما يرمز إليه. فإذاً إصلاح الكنيسة ضروريّ. الفرق بيننا وبين الإنجيليين أنّهم يريدون إصلاح الكنيسة من أساسها بإلغاء الأسرار وقد غيّروا المفهوم الكنسيّ الأصيل وابتعدوا. ولكن كلمة الله التي هي في الكنيسة يجب أن تحيي الناس وأن تحيا الكنيسة بها. حتى تُخصِب الكنيسة الأرض يجب أن يصلح الناس فيها وأن تعود الكنيسة إلى هذه الكلمة لتعيها من جديد وتتقوّى منها. إذاً الحركة يُمكن تحديدها هنا بالإضافة إلى الكنيسة التي هي جسد ابن الله بأنّها حركة إصلاح بمعنى أنّها تمدّ الكنيسة إلى الأمام وتجعل المؤمنين واعين مسؤولياتهم بها. الحركة ليست على مستوى تعبير أي نظام في الكنيسة أو تبديل قوامها. ليست الحركة بدعة لتزيد وتنصق عناصر ليست أساسيّة في نظامها. الحركة إذاً ليست على مستوى إعادة تفكير بالأساسيّ ولكنّها على مستوى الحياة والتاريخ. ولكن لا بدّ لنحيط بالحركة إحاطة أدقّ أن ننظر في تعريفين أعطيناهما نحن خلال 20 سنة ألا وهي حركة شبيبة وحركة علمانيين.

 

2. الحركة حركة شباب:
          أودّ أن أقول أولاً أنّ هذين التعريفين بالحقيقة تعرفا وصف وليسا تعرفيّ. لاهوت وصفنا واقعيّاً كنّا فيه. ولكن إن تعمّقنا قليلاً رأيناهما وصفاً طارئاً لا جوهريّاً. فلفظة الشبيبة لا تُعطي مدلولاً حقيقيّاً عن طبيعة الحركة. ولكن طبعاً الشباب تعريف تاريخيّ عن الحركة وفي هذا عمل الروح وقد أكّدنا مراراً أنّ الشباب اختارهم الروح. أعتقد أنّ الشبيبة اكتُشِفَت في القرن العشرين ككيان خاص كمرحلة نموّ. فالإنسان الحقيقيّ هو الكهل ولم تكن أهميّة للطفل والشباب في بنيان المجتمع. من ميزات القرن العشرين أنّه اكتشف الطفولة والشباب. والكنيسة ليس عليها أن تهتم فقط بالطفولة والشباب ولكن هل يُمكن أن يعطى التعليم لكل الفئات لقمة واحدة؟ بمعنى نقول نعم الكنيسة هي التي تجمع الأعمار ولذلك يُناول الطفل. ولكن مع ذلك للشباب ميزته الخاصة بتفكيره من حيث أنّه يُعطى رعاية خاصّة في الكنيسة وله كلمته فيها. الكنيسة مؤلّفة من بشر والكهول يُحافظون عليها ولذلك يُختار الكهنة من الكهول ويُسمّى الكاهن في الكتاب شيخاً. يُختار هكذا حتى لا يكون متقلّباً، وظيفته إعطاء كلمة الله وهذا يستوجب النضوج والاستقرار ولذلك فالجسم الكهنوتيّ جسمٌ محافظٌ. ولكن يجب أن يكون أيضاً في الكنيسة جسمٌ غير محافظ جسمٌ يمدّ الكنيسة إلى الأمام وفي كلّ الخطوط. يجب أن يؤخَذ التعليم ويُنقَل وتتفاعل الكنيسة مع العصر وتعبّر عن رسالتها إلى ناس معينين. إذاً يجب أن يكون في الكنيسة جسمٌ ليّن ومرن لتجد التعابير الخاصة والطرق التربويّة الجديدة لتنقل التعاليم إلى البشر. إذاً مكانة البشر هنا هي بين قطبين: “استلام التعاليم الرسوليّة وإعطائها. قضيّة النقل والتعبير قضيّة أساسيّة من ولائنا للقديم أن ننقله بصورة جديدة. وبالرغم من كلّ تلك الأهميّة التي للشبيبة في الحركات النهضويّة أتجرأ وأقول أنّ عنصر الشباب لا يُشكّل عنصراً أساسيّاً في الإصلاح الكنسيّ بمعنى أنّنا لا نستطيع أن نجد تساوياً رياضيّاً بين النهضة والشباب إحدى الركائز الكبرى التي تحمل النهضة ذلك لأنّ الكنيسة لا تقوم إلا إذا حملها أبنائها وكلّ الأعمار.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share