بعد صعود الـرب إلى السماء، يذكر الكتاب الـمـقدس الـرّسل الذين كانوا مجتمعـين في العـلّية ويقـول: “هـؤلاء كلّـهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أُم يسوع ومع إخوتـه” (أعمال 1: 14). بعد هذا لا يقـول العـهد الجديـد شيئًا عـن زمان وفاة والدة الإلـه ولا مكانه. التقليد الشرقي يقول أنّـه في أورشليم.
أمّا فكرة الرّقاد والقصة التي تدور حولـه (التلاميذ الذيـن اجتمعوا مـن كلّ الأقطار في قريـة الجثسمانية) فمستقاة مـن الأدب الـمنحول، وهي “قصة انتقال مريم”، وقد كُتبت باليونانية في الـقرن الـرابع أو الخامس. أمّا التعييد فكان لـه ظرفه. ظهـر في أواخر الـقرن السادس أو أوائـل السابع بمناسبة تكريس الكنيسة التي شُيّدت في الجثسمانية حيث يقول التقليد أن والدة الإله دُفنت. إلى جانب كلـمة “رقاد”، عندنا كلمة “انتقال” في الكتب الطقسية، وتـعـني انتـقال السيـدة إلـى الحياة، وتـتحدّث عـن “مـوت بغيـر فساد” وعـن كون العـذراء مالكـة مع الابـن. الـفكرة أنّ مريم انتـصرت على الـمـوت. العبـارة الأخرى أنّ والـدة الإلـه “لم يضبطـها قبـر ولا مـوت”. غيـر أنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة لم تحـوِّل الـفكرة إلى عقيـدة رسميّـة فـي مجمعٍ مسكـوني. الكنيـسـة الغـربيّـة جعلت الانتـقال عقيـدةً السنة الـ1950. طريـقـتـنا أننـا اكتـفـيـنا بـما ورد في نصوص العبادات. مـن يتتبّع الأعياد المريميّة يـرى أنّ الكنيسة تُسْقط مجد الـمسيح على والدتـه بحيث تكـون أعيـادهـا شبيـهة بأعياده. فجاء عيد حبل حنـّة (والدة العذراء) شبيهاً بعيد البشارة، وعيد ميلاد السيّدة موازياً لميلاد الـمسيـح، وعيد الرّقاد شبيهاً بالـفصح. وقد بات عيد الرقـاد، بسبب وجـهـه الفصحيّ، قمّة الأعياد الـمريميـة. ليس مثـل الأعياد إذا تتبعنـا كلـماتـها ينقذنـا مـن الغـلوّ ومـن العاطفيـّة. فالتركيـز الشعبيّ على والـدة الإلـه على حساب ذِكْر الـمخلص ومحوريّتـه خطأ. الـقول أنّهـا تَـفْـهَمنا لأنها أُمّ أو لكونها بشرًا مثلنا مـن باب الكلام العاطفيّ الـمغـلوط. لا أحد أقرب إلينا مـن يسوع، وهي ما كانت معنا إلّا لكون أنوار الـمسيـح تنـزل علـيـها. ليس لأحد قيـمـة بلا يسوع.
مريم خادمـة التجسد الإلهي. كانت تصغي إلى الـمخلّص وتحفـظ كلامـه في قـلبـها. كانت تتحرك هنا مـن أجـله ووصلت معه إلى الصليب. لـذلك تُمثّلـها الإيقونة حاملـة الطفـل الإلـهي لتوحي بأننا ننظر إلى السيدة قـائمـةً فـي هـذه الـمعـيـّة أو هـذه الـمشاركـة. إيقونة الرّقاد في هـذا الاتجاه تمـثّل الـعذراء مستـلقاة ووراء نعشها السيّد حاملاً في يـده الـعذراء مصغَّرة ومكفَّنـة بكفن أبيض ووجهها هـو إيّاه وجـه الـعذراء المستلقاة. قوة مريم بالـمسيح الـذي لـه وحده المجد والعـزّة والكرامـة مع الآب والـروح. مريم كانت فـي الـمجد لأنّـها احتوت الـمسيح وأَطاعتـه وتَبَتّـلت لـه. مـن هنا إنـها نموذج. مـن كان الـمسيح في قلبـه يصبـح مريـمًا جديـدة ويـوزّع الـمسيح علـى الناس. هـذه هي مريمـيّة الروح. أنتَ لـه، أي أنتَ لستَ لغـيـره ولستَ لنـفسك. أنت عنـدئذ فـوق.