العمل مفدي بالتجسد

mjoa Thursday October 2, 2008 289

إن احتفلنا اليوم حركيًا بعيد العمل، فذلك لاِعتقادنا أن هذا العيد لا يكتسب ملء معانيه إلا بالمسيح الذي به وحده تتخذ الأشياء كلها معناها النهائي، العميق. لذا سنحاول أن نتأمل العمل في نور الرب الوضّاء.
تعلمنا الكلمة الإلهية أن العمل في تصميم الله كرامة عظمى وهبها الإنسان. فقد شاء الله أن يجعل الإنسان الذي خلقه حبًا، مساهمًا معه في سلطانه على الكائنات ومنحه العمل وسيلة لممارسة هذا السلطان إذ به ينظّم الخليقة ويجمّلها، ويطلق ويوجه الطاقات الكامنة فيها، وكأنه يكمِّل الخلق بالقوة والعقل اللذين أعطيهما من الخالق وكأنه يبث في الطبيعة شيئًا من صورة الله التي يحملها في ذاته.

.

ولكن تمرد الإنسان، ومحاولته الاكتفاء بذاته، ذاك الانحراف في الحرية البشرية الذي ندعوه الخطيئة الأصلية، أفسد تصميم الله فجر الوبال على الإنسان، الذي من أجل خيره وضع هذا التصميم. لقد أفسد سقوط الإنسان كل شيء ومما أفسده العمل. فمن جهة أصبح العمل شاقًا، أليمًا، بعد أن كان متعة وفرحًا:
“ملعونة الأرض بسببك حسكًا وشوكًا تنبت لك، بعرق جبينك تأكل خبزك”.

 

ومن جهة أخرى، بسبب التفكك الذي أحدثه السقوط بين البشر، أصبح العمل، عوضًا عن أن يكون وسيلة للتقارب والتبادل والشركة بين البشر، أحد حقول النزاع بينهم. فأصبح بعض الناس يستثمرون عمل البعض الآخر، معتبرينه بضاعة تشترى بأبخس الأثمان، متناسين أن للعمل قيمة لا تقدَّر لأنه تعبير عن شخصية إنسانية هي على صورة الله.

 

ولكن صوت الله كان يدوّي عبر التاريخ البشري على لسان رجال الله القديسين مذكرًا بوجوب احترام الإنسان للإنسان أيًا كان وضعه الاجتماعي، منذرًا الذين يرتكبون الظلم، مهما علا شأنهم، بأشد العقوبات. لقد دوّى هذا الصوت في العهد القديم بفم الأنبياء كعاموص وإرميا مثلاً موبخا الجائرين، داعيًا بشدة ووعيد إلى العدل والإنصاف. فلنسمع إرميا مثلاً يقول: “ويل لمن يبني بيته بغير عدل وغرفه بغير حق ويستخدم قريبه بلا أجرة ولا يوفيه عن عمله” (22: 13).

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share