طبعات أخرى: منشورات النور – الطبعة الثانية – 1980
منشورات النور – الطبعة الثالثة – 1985
تعاونية النور – الطبعة الرابعة – 2011
هذا الكتاب وليد احتكاك طويل بالشباب وتساؤلاتهم ومشاكلهم من خلال ممارسة للتعليم الثانوي امتدت على أكثر من ثلاثين عاماً، وعبر عمل طويل في إحدى حركات الشباب، كما أنه وليد تخصص في علم النفس لا أزال أتابعه حتى الآن وقد تركّز على الحياة الانفعالية في نشوئها وأزماتها واضطراباتها، واقترن بممارسة للعديد من الفحوص والاستشارات النفسية.
إن كل ما فيه كتب للإجابة عن أسئلة طرحها عليّ الشباب. وقد وُزّع مضمونه على قسمين : القسم الأول يجمع ثلاثة أحاديث ألقيت على محافل من الطلاب الثانويين في طرابلس، جلهم من الثانويات الرسمية وبعضهم من الثانويات الخاصة، ومقالين كُتب أحدهما لمجلة طلابية والثاني نشر في جريدة محلية في سلسلة تحقيقات كان يقوم بها أحد الطلاب على صفحات هذه الجريدة. أما القسم الثاني فهو يحوي أجوبة عن بعض الأسئلة العديدة التي كانت ترد إليّ بعد الأحاديث التي كنت ألقيها على مسامع الشباب، وقد اجتهدت إن أصنف تلك الأجوبة موزعاً إياها على أربعة أبواب، كما حرصت على إثبات نص الأسئلة بما تحمله من قلق ومعاناة كي يُسمع الشباب من خلالها صوتهم مباشرة في هذا الكتاب.
رغم استناد هذه الأحاديث والأجوبة على معطيات علم النفس الحديث، فقد حاولت أن أجتنب فيها طابع التخصص لكي تكون في متناول أكبر عدد ممكن من الشباب، راجياً أن تتاح لي هكذا فرصة مساعدتهم في سعيهم القلق إلى الحقيقة و الحياة.
هذا وإنني أرجو أن يطلع بعض المربين، والوالدين منهم بشكل خاص، على محاولتي هذه، إذ أن بوسعهم أن يجدوا فيها صدى للتساؤلات و الاختبارات والصعوبات التي يجتازها المراهقون، فيعمق فهمهم لنفسية من هم مسؤولون عن تنشئتهم و يزداد وعيهم للعناصر التي تؤول إلى تأزم العلاقات بين المراهق وبين من يمارسون تجاههم المسؤولية التربوية. إن من غايات هذا الكتاب التمهيد لذلك الحوار، الذي نفتقده أكثر فأكثر في مجتمعنا المتغير، بين المراهقين ومن يقومون على تربيتهم وبنوع خاص الوالدين. ولكن الحوار غير ممكن إن لم يبادر إليه الطرفان. في نهاية جلسة كنت أجيب فيها على أسئلة طرحها الشباب وكان يدور الكثير منها حول علاقة المراهق بوالديه، سلمني أحد الشبان الحاضرين ورقة كتب عليها ما يلي : ” أنا مقتنع تماماً بكل ما تقوله، ولكن ما جدوى كلامنا وحوارنا هذا إذا كان لا يتفهّمه إلا جانب واحد هو جانب الأبناء، وتبقى الحقيقة مخفية عن الجانب الآخر، جانب الأهل ؟”. أرجو أن تتاح لي فرصة تلبية رغبة السائل العزيز المجهول، وذلك بمضاعفة أحاديثي للوالدين وبإصدار كتاب أعد عناصره الآن، موجه إليهم. ولكنني أعتقد أن إطلاعهم على الكتاب الحاضر – وقد يهديه إليهم أبنائهم وبناتهم – يمكن أن يكون فرصة لبدء الحوار المرجو، هذا الحوار الذي يتوقف عليه إلى حد بعيد مستقبل الأجيال الطالعة من صحة نفسية وسلامة خلقية وروحية وقدرة على التحرر والإبداع.
كما أنني أتمنى أن يوافيني أعزائي القراء بالأسئلة و الملاحظات والانتقادات التي قد توحيها لهم مطالعة هذا الكتاب، وذلك بإرسالها على عنوان منشورات النور ( ص.ب 2966-11 بيروت ) أو عنواني الخاص ( شارع فرح أنطون – أسكلة طرابلس ). لا أعدهم بأنني سأجيب عنها شخصياً، و ذلك لضيق وقتي، و لكنني سأتخذ منها منطلقاً لكتاب جديد أو طبعة جديدة للكتاب الحالي.
شباط 1974
كوستي بندلي