ندوات شبابية حول الصداقة و الأسرة و الخجل ( مع فرقة “الماء الحي”) – “تساؤلات الشباب” – منشورات النور – الطبعة الأولى – 1987

mjoa Tuesday October 7, 2008 307

طبعات أخرى: تعاونية النور – الطبعة الثانية – 2011

 

 nadaouetهذا الكتاب هو الأول من نوعه في سلسلة ” تساؤلات الشباب “. ذلك أن به يتحقق ما كانت تتوق إليه سائر كتب هذه السلسلة، ألا وهو إعطاء الكلام للشباب في الشؤون المرتبطة بهواجسهم واهتماماتهم. فالكتب السابقة من السلسلة استمدت مواضيعها من تساؤلات شبابية واقعية صاغ معظمها الشباب بلغتهم، وأثبت تفيمتون هذه الكتب، حاملة توثبهم واحتجاجهم وشكواهم و قلقهم. كما أن معالجة هذه المواضيع استندت أحياناً بشكل رئيسي إلى معطيات قدمها الشباب أنفسهم، فبني كتاب ” خلاف الأهل و الأبناء ” على نتائج استقصاء كان قد أجري بين الشباب حول هذه المشكلة، و كذلك بني كتاب ” تعليم الفتاة وآفاق المرأة ” على حصيلة استقصاء آخر ساهموا به وكان يدور حول تعليم الفتاة. لذا أمكن القول أنهم لم يكونوا البتة غائبين حتى الآن عن هذه السلسلة التي وضعت خصيصاً لهم، بل كانوا حاضرين فيها ومساهمين. ولكن حضورهم ومساهمتهم يبلغون في الكتاب الحالي أوجهما : فإنهم ليسوا هنا موضوع الكتاب وطارحي أسئلته ومقدمي عناصر للإجابة عنها وحسب، بل إنهم مؤلفون فعليّون للكتاب أو، على الأقل، مساهمون بشكل مباشر وأساسي في تأليفه. تلك هي فرادة الكتاب، التي أبتهج بها وأعتز.

 

.

” ندوات شبابية”، كتاب صنعته في الأساس مجموعة شبابية هي “فرقة الماء الحي”، يجد القارئ تعريفاً عنه فيما بعد. و قد كانت أعمارهم تتراوح حينذاك بين 14 و 17 عاماً. إن معظم الآراء المطروحة فيه إنما هي آراؤهم، و قد تركت كما هي على عفويتها ونواقصها، نواقص فكر لا يزال يتلمس طريقه وخبرة هي في طور التكوين. ولكن  القارئ، شاباً كان أو راشداً، سوف يلفته، كما أعتقد، كما لفتني، الصدق و الإخلاص اللذان تتسم بهما هذه الآراء، كما أنه سوف يفاجأ، كما فوجئت أنا، بالنضج و العمق و الموضوعية و ثقب النظر التي تبرز أحياناً في معالجة سباب من هذا العمر لمواضيع شائكة و حساسة. فيتبين له مقدار الطاقات الكامنة في الشباب، والتي تتاح لها فرصة التفتق و الانطلاق إذا ما هم أخذوا على محمل الجد ومنحوا حقهم من الثقة التي هم بأمس الحاجة إليها.

الكتاب إذاً عصارة فكر الشباب وحصيلة خبرتهم. تلك الخبرة التي كانوا يستلهمونها أبداً عبر معالجتهم لمختلف المواضيع الواردة هنا، وقد فعلوا ذلك بعفوية و نضارة وصدق تمنح لمداخلاتهم أصالة تنفتح لها، كما أرى، أبواب العقول والقلوب. أما أنا، فقد اقتصر عملي على ترتيب هذه المداخلات وتنسيقها بأقرب ما يكون إلى واقعها العفوي الأصلي، وعلى إضافة تعليقات مني تسلط عليها بعض الأضواء النابعة من خبرتي ومن إطلاعي السيكولوجي.

هذا وإن الخبر التي ينطلق منها الكتاب ليست فقط مجموعة الخبرات الفردية التي عاشها أعضاء هذا الفريق الشبابي، إنما هي، بالإضافة إلى ذلك، خبرة الحياة الجماعية التي أتيح لهم أن يحيوها ضمن هذا الفريق، و هي حياة اتصفت، كما سوف يرى القارئ تفصيلاً فيما بعد، بالصداقة و التعاطف و المشاركة. و قد أعطت هذه الخبرة الجماعية للكتاب بعض مواده : فثمة عناصر من موضوع الصداقة أو موضوع الخجل مستمدة منها بشكل مباشر. و لكنها أعطته خاصة المناخ الذي لولاه لم يكن،لأنها منحت لشباب هذا الفريق حرية و ثقة بالنفس و بالآخر طبعا مداخلاتهم بطابع العفوية والصدق.


رجائي أن يجد أعزائي الشباب، في لبنان، و البلاد العربية، في أصوات شباب فرقة ” الماء الحي “، صدى لهواجسهم و تطلعاتهم و أفكارهم، فيتجاوبوا معها في العمق بحيث تساعدهم هذه الأصوات الأخوية على بلورة آرائهم ومواقفهم حول تلك المواضيع الحساسة في حياة الشباب التي يعالجها هذا الكتاب. كما أرجو أن يجد الراشدون، وخاصة الأهل والمربين، زملائي، في هذا الكتاب، صورة صادقة عن نفسية الشباب تزيدهم معرفة بحاجات هذا العمر ومعاناته وقدراته. إلى هؤلاء وأولئك، أقدم بفرح واعتزاز هذا الكتاب الذي صنعته، ليس من أجل الشباب وحسب، إنما أيضاً معهم، محققاً بذلك في خريف حياتي، حلماً عزيزاً طالما راودني.

طرابلس – الميناء، لبنان، في 3/9/1986
كوستي بندلي

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share