(*) أبعاد خدمة منيرة

mjoa Thursday October 30, 2008 206

سنة 1971، تطوع عدد من مرشدي الطفولة في فرع الميناء لحركة الشبيبة الأرثوذكسية، بتأمين دراسة مسائية يومية لعدد من أطفال العائلات المحرومة. وقد وجّهتُ إليهم بهذه المناسبة الرسالة التالية.
***

لقد تلطّف الأخ طوني بيطار، فطلب مني إلقاء كلمة بينكم في هذا اللقاء المحبَّب. إلا أن المرض اضطرني إلى ملازمة الفراش. لذا أرجو أن تنوب هذه الكلمة عن حضوري معكم بالجسد.
 أودّ أن أتحدّث إليكم عن المشروع الجديد الذي تجنّدتم له. ألا وهو مشروع الدروس المسائية لتلامذة المرحلة الابتدائية، هذا المشروع الذي أرى له أهمية مزدوجة، إن بحدّ ذاته أو من جهة أبعاده الروحية.

 

.

 

1- الأبعاد التربوية والاجتماعية للمشروع.

فهو بحدّ ذاته محاولة جدّية لمعالجة المشكلة الاجتماعية من جذورها. فالمدرسة وحدها لا تكفي لفتح طريق المستقبل لأولاد الطبقة المحرومة، إن لم تتوفّر لدى هؤلاء شروط الإفادة منها بشكل صحيح. ولكن كيف السبيل إلى تلك الإفادة إذا كانت الصفوف مكتظة بالطلاب، كما هي الحال في معظم الأحيان في بلدنا، فلا تسمح للمعلّم بالاهتمام الكافي بكل تلميذ على حدة، وتضطّر هذا الأخير، بالتالي، إلى اللجوء إلى مساعدة أهله في البيت؟ وكيف السبيل إلى تلك المساعدة إذا كان الولد لا يجد في بيته لا الجوّ الملائم للدراسة ولا الأهل المتعلمين الذين يمكنهم أن يساعدوه على فهم ما أُشكِلَ عليه؟ هكذا يتخبّط الطالب المحتاج في دوّامة الفقر، إذ أن بؤس بيئته العائلية كثيرًا ما يحول دون تيقّظ ذكائه ويحكم عليه بالتقصير في دراسته، فييأس ثم يفشل وتُسدّ أمامه الطريق التي كان من شأنها أن تقوده إلى مستقبل أفضل.

لقد بدأتم، أيها الإخوة، بتحطيم هذه الدوّامة المخيفة، وأخذتم بإعادة الثقة والأمل إلى الأولاد المحتاجين وعائلاتهم، وما التقدم الذي لمستموه في علامات عدد من الطلاب المداومين على دروسكم المسائية سوى باكورة ثمار عملكم التي يُرجى أن تتكاثر مع مرور الزمن. إنكم هكذا تعملون في الخطّ الصحيح الذي يجب أن تسير فيه كل خدمة اجتماعية جديرة بهذا الأسم، ألا وهو أن لا يُكتفى بالمساعدة الآنيّة التي تبقي على عجز المحتاج وتخلّد تبعيّته، بل أن يساعَد هذا الأخير على النهوض بنفسه وحلّ مشكلته بيده. هذا ما عبّر عنه المثل الصينيّ المأثور: “إذا أعطيت إنسانًا سمكة، أشبعته يومًا، أمّا إذا علّمته صيد السمك، فإنك تشبعه كلّ أيّامه”.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share