عام 390 للميلاد ثار سكّان مدينة تسالونيكي المقدونيّة على قائد رومانيّ وقتلوه. فقام عسكر الإمبراطور ثيوذوسيوس بناء على أوامره الصريحة بارتكاب مجزرة ذهب ضحيّتها نحو سبعة آلاف قتيل. وثيوذوسيوس الإمبراطور المسيحيّ (379-395) هو مَن أقدم على قطع آخر الروابط التي كانت تجمع بين الدولة الرومانيّة والوثنيّة، ووضع حدًّا للعبادة الوثنيّة، وفرض المسيحيّة دينًا للدولة. إمبراطور مسيحيّ حرّر المسيحيّين من عصر الاضطهادات، عصر دام نحو ثلاثة قرون يرتكب عسكره مجزرة.
لكنّ أمبروسيوس أسقف مدينة ميلانو مقرّ الإمبراطور عندما سمع بالمجزرة أرسل إلى الإمبراطور كتابًا يتضمّن احتجاجًا رسميًّا وحرمًا كنسيًّا، وطلب منه أن يكفّر عن ذنبه قبل أن يعاد قبوله في الشركة الكنسيّة. وممّا جاء في تلك الرسالة-الوثيقة: “لا أجرؤ على تقديم الذبيحة، إنْ أردتَ أن تحضرها. فما هو محرّم عليّ أن أفعله في حضور رجل سفك دم بريء واحد، هل يحلّ لي أن أفعله أمام مَن أهرق دماء عدد كبير من الأبرياء؟ لا أعتقد ذلك” (تاريخ الكنيسة المفصّل، المجلّد الأوّل، دار المشرق، ص 155-156).
“النهار”، 7 كانون الأول 2008