أفهم ان يحاط العيد بمباهج أتت من الغرب الخالط مسيحيته بوثنيته. أقبل الهزيمة امام الشجرة الهابطة علينا من الوثنية الجرمانية وهي الخالية من اي رمز للميلاد. ولكني لا أفقه “بابا نويل” الخرافي، السمج، الذي يعرف الأطفال انه واحد من ذويهم او جيرانهم وان الهدايا ليست هداياه، ولا ادرك لماذا يجب ان يكون العيد زمنا لهذا التهريج. ويسوءني ان يُرصَف هذا الفولكلور الى العيد. وأكثر ما يجرحني إحياء سهرات للميلاد في الفنادق وأماكن عامة. لقد فقنا بذلك اهل الغرب الذين يقضون السهرة في البيوت.
لماذا لا يجرؤ الميسورون ان يوقفوا هذا البذخ، كلٌّ في ما يتعلق بنفسه وعائلته، وان يبذلوا هذا الموفور على من لا يستطيع ان يشتري طعاما مميزا لأطفاله. انا لا أنكر على أحد رغبته في إهداء اهل بيته. ليس له في هذا أجر. الأجر في اعطاء الفقراء مباشرة او بطريقة جماعية تختارها الرعية. تآزروا جميعا للمحبة. أقلّه أظهروا حنانكم لإخوتكم المعوزين بحيث لا يشعرون بذلٍّ او منَّة.
اذكروا ان يسوع جاء ليعلن للمقيَّدين بالأسر الحريةَ. وما أفظع أسر الفقر. ربما كان جميلا ان تقنعوا اولادكم أن لا ينتظروا منكم هدية لأنكم تريدونهم إخوة لرفاقهم الفقراء. يعفّ اولادكم عن ثياب جديدة ليلبس الفقير. اذكروا ان السيد لم تُكشف سيادته الا بالموت، وانه جاء ليرفع عن الناس ظلم الحرمان وظلم المرض وظلم الجهل. انتم شركاؤه بمقدارٍ إنْ عملتم ما أوصاكم ان تعملوا.
إنْ أَحببتم المحرومين تكونون قد أحببتم المسيح. قبل ان تفعلوا هذا يكون السيد مجرد ذكرى تَرِدُ كل سنة لمسرّتكم الدنيوية. ولكن مسراتكم لن تكون مبارَكة إنْ انتم حصرتموها بالعائلة.
اذكروا ان لكم عائلـة واحدة وهي عائلـة الآب، وأن هـذه كُشفـت لكم لما أَضجعتْ مـريـم ابنـها بمذود ولفَّته بأقمطـة. اليوم أُضجعَ الـرب مع البهائم، مع اللاشيء. ما أطلبـه اليكم ألاّ تَـدَعـوا الفقيـر في الـبرد، في الفاقة. ربمـا كان الأفـضل أن تَدْعٍُـوا عائلـةً مكســورة الخاطر او منفيـة في النسيان الى مائـدة العيـد. اقبلـوهـا في ثيابـها وأكرموها كما تكرمون عيالكم.
ولا تنسوا قبل هـذا كله ان المولود مـن مـريم يريدكم ان تولـدوا مـن الطـهارة، وأن العيد بلا بكارة النـفـس لا ينـفع شيئا. وهـذا يعـني للصائمين توبـة ولغيـر الصائمين تـوبـة. والعيد نأخذه مـن قداس العـيد فإنـه هـو البهجة، وأن المطلـوب ان نقتات من جسد ابـن الله ودمـه لنعـرف ان الـرب طيـّب لئلا نظل تافهـيـن فيأكلنا المـوت.
هذا بدء قيامتنا وهذا إعلاننا ان المسيح إنْ أراد شيئا فأن يولد في قلوبنا ويشرق علينا بنوره العجيب. اهربوا من ظلم القلب نفسه الى ضياء يسوع، فاذا نشأ فيكم الفرح به يكون الميلاد قد حَلّ.