شرح مبادئ الحركة

mjoa Monday December 8, 2008 437

توطئة

نحو التجدد:

المسيحيون الأرثوذكسيون بحاجة إلى تجدد. لقد جمدت حياتنا فابتعدنا كل البعد عن رسالة يسوع تائهين في دياجير قلوبنا لا نشاهد الله ولا نلتمس آثاره في الكون حتى تاقت نفوس البعض إلى ينابيع الحياة الدينية المتفجرة في الكنيسة والتي اشتهينا أن تفيض علينا غزيرة حتى يرتوي كل إنسان ويزول الموت.

نظر الناس إلى الكنيسة من الخارج فلاحت لهم بناءً هرمًا ليس له سوى أن ينقرض ويطوى في ضمير الزمن. كثر هؤلاء الذين لم يراقبوا غير ظاهر الكنيسة فيئسوا ولكن المؤمنين يرجون من ركن الكنيسة الخلاص. لا بد أن يرتفع البناء لأن الأساس لا يزال قائمًا ولأن البشرية التي انسلخت عن تعاليم يسوع الناصري سوف تعود إليها وها هي اليوم بادئة بالشباب بانية نفسها على حجر الزاوية كي تساهم بعمارة خالدة.

 

أسس الإصلاح:
إن قومًا يكترثون لما يسمونه “الشؤون الطائفية” ينادون بالإصلاح ولكنهم لا يفهمون كنه الداء ويفشلون في معالجتهم هذه الأمور.

منهم من يقول بحاجة الكنيسة إلى الأموال والنفوذ السياسي وهي الفئة التي تتغلب فيها الصبغة السياسية والتجارية على الفكرة الدينية والتي تفهم الأرثوذكسية فهمًا مشوهًا وتبقى خارج النزاع الحقيقي بين الجمود والحياة.

ومنهم قوم يراقبون حال الكنيسة عن كثب ولكنهم يراقبونها بعين الجسد ويطالبون بإنشاء مؤسسات كنسية أو طائفية مختلفة ولكن نشاطهم لا يتعدى حدود المطالبة، هذا إن لم يستعملوا النقد اللاذع الهدام، أو لا يتعدى ترقيع الأمور ترقيعًا.

لم يخطر ببال هؤلاء أن البناء بحاجة إلى إصلاح كليّ شامل عميق وقد استمر الحال عندنا على هذا المنوال لأن الذين تشاغلوا بقضايا الكنيسة لم يفكروا بمعالجة القضية الدينية من الأساس فلم يدخلوا إلى صميم المسألة ولم يجرؤوا على إثارة القضايا الخطيرة التي على حلها يتوقف مصير الأرثوذكسية في الشرق إثارة جلية نهائية قوية.

في الحق انّا إن أردنا فهم الوضع الأرثوذكسي الحاضر كي نهيّئ مستقبلاً فاضلاً فعلينا أن نلقي نظرة عميقة إلى ماهية الكنيسة الأرثوذكسية وندرس مبادئها درسًا وافيًا وهكذا نقيم الدليل على أن الإنحطاط الحالي ليس ناتجًا عن فساد في مبادئها بل عن فساد في أخلاقنا نحن – وأبدًا تتألم الكنيسة من ابنائها والروح دومًا جريحة التاريخ الكبرى – وإن النهضة سوف تقوم بواسطتنا إن كنا بالكنيسة مؤمنين.

 

إدخال المسيحيين في المسيحية:
إن ازمتنا هي أزمة الفكرة الدينية في العالم كلّه، فأن قصدنا معالجة قضية الكنيسة في بلادنا فعلينا أن نعالج الأزمة التي تتخبط فيها المسيحية في العالم الحاضر. وهي ليست إلا إنفصال الإنسان والحضارة عن الله إنفصالاً ولّد المادية الحديثة وسائر مظاهرها في الفلسفة والفن والاخلاق والأوضاع الاجتماعية.

لقد تشوهت المدينة العالمية في طورها الأخير بانقطاعها عن أركانها المسيحية. المعضلة الأساسية في العالم الذي نكوّن جزءًا منه هي معضلة ارتداد الإنسان إلى كيانه الخالد المطبوع على صورة الله ومثاله برجوع الإنسان إلى مصادر الحياة. نحن نعلم أن لا نهاية لإمكانياتنا التجددية وارتدادنا إلى الروح وحريته وقد صدق الفيلسوف برديايف حيث قال: “ما من تجدد في الإنسان وآثاره إلا عن طريق المسيحية”. هذه هي المعضلة التي يثيرها كل وجدان ديني بل كل مسيحي لا يكتفي بتسجيل اسمه على تذكرة هويته. إنها معضلة لا يسعنا أن نقف أمامها حائرين متفرجين ولكننا نجابهها لنقوم بعمل خطير في التاريخ الحديث ألا وهو “إدخال المسيحيين في المسيحية”.

نحن نسعى لفهم المسيحية وتكوين فكرة صالحة عن الإنسان وعن الكون لذواتنا من خلال المسيح. ومن أجل إنشاء هذا الفهم المسيحي للكون نصلي ونشترك معًا بأسرار المسيح المقدسة حتى يأتي فهمنا الروحي نتيجة عمل مشترك بالصلاة والتأمل الدائم بحقيقة الله العلوية، وعندئذ تصبح محبتنا لأولاد الله وأولاد الناس واقعًا اجتماعيًا ملموسًا، وعندئذ ينتج عقلنا المتأله ثقافة وتاريخيًا متجليين ويصبح الله الذي فينا الكل في الكل.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share