رسالة صاحب الغبطة في عيد الميلاد لكنائس الكرسي الأنطاكي
إن الميلاد الشريف حدثٌ عظيمٌ حيث تلتقي السماء والأرض ويصير الله معنا، لأنه هو المرحلة التَّوحيديَّة المُوَحِّدة التي فيها تبطل ازدواجية العلاقة بين الله والكون وبين الله والإنسان.
الميلاد هو التعبير الحي عن الله مُتّبنِّياً خليقته تبنِّياً كلِّياً، لأن الإنسانَ رمزُ الخليقةِ كلها ووكيل الله على الأرض، عاد إلى أصل الصورة التي رُسمت فيه وأعاد معه الخليقة إلى القصد الإلهي الذي من أجله خُلِقت.
هل كثيرٌ أن نتطلع إلى سنةٍ تتسع للقليل من العدل فيرتدُّ المعتدي الغاشم ويعود اللاجئ المشرَّد إلى بيته! هل كثيرٌ أن ينظر إلينا العالم، نحن الذين في هذه المنطقة على أننا لسنا لعبةً في الأيدي المتسلطة العظمى التي لا تعرف فضيلةً إلا القوة والبطش! هل كثيرٌ على أهل المشرق بيت المحبة أن يُسمَع صوتهم في الدنيا.
نرفع أنظارنا إلى رب السماء والأرض ليكي ينفخ من روحه في دنيانا لكي نتقدس ونحيا، على هذا الرجاء نسال الرب المولود في المغارة أن يزودكم بالنعمة الإلهية، وأن يوزع خيراته، وينشر أمنه وسلامه على بلادنا والعالم أجمع، ويحفظ كل رئيس وحاكم يسهر ويعمل للعز والكرامة، ويناضل من أجل حقٍ سليم ويهوى رؤيتنا ورؤية الشعب بكامله عالي الجبين، مرفوع الرأس.
سائلين طفل المغارة أن يزودكم جميعاً بالنعمة الإلهية ويعيد عليكم هذه الأعياد المباركة وأنتم دائماً بكامل الخير. حفظكم الله ومنحكم نعمه الغزيرة.
كل عام وأنتم بخير