من اقوال القديس يوحنا الذهبي الفم

mjoa Tuesday February 24, 2009 734

john chrysostom“حينئذ أجاب يسوع وقال: يا امرأة عظيم إيمانكِ، فليكن لك كما أردت” (متى 15: 25). قد نكون نحن المسببين لهلاكنا لاننا لا نصلي الى الله ولا ندعوه كما يجب، فإن تقدّمنا اليه نتقدم غير مؤمنين بالحصول على ما نسأله.
الله يرغب في أن نتوسل اليه بإخلاص ليُظهر لنا رحمته العظيمة، لأنه المدين الوحيد الذي يعطينا ما لم يستقرضه منا: واذا أمهل الله العطاء فليس لعدم رغبته، بل لنبقى قريبين منه، كما يفعل الآباء المحبّون المبطئون بالعطاء لحكمة منهم ليبقى اولادهم تحت عنايتهم مدة اطول.

لقد اظهر لنا المسيح في قصة المرأة الكنعانية انه يعطي سائليه. انه قال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب، ولكنه أعطى المرأة المذكورة ما سألته بحرارة فنالت ما ليس لها. لأن الكلاب حصلت على مخصّصات الأبناء.

لا يقل أحد إن الله لا يحبني لأنه لم يستمع لي، فلو تضرعنا اليه بلا فتور لأجاب طلبنا على الأقل لأجل سؤلنا المتواصل. ولا يقل أحد منكم انني لا أستحق، ولذلك لا أتجاسر على الطلب. انني خاطئ فلا أقدر أن أتوسل الى الذي أغضبتُه. إن الله لا ينظر الى الاستحقاق بل الى حالة النفس. إن كانت الأرملة قدرت أن تليِّن قلب القاضي الذي لا يعرف الله (لوقا 18: 2-8)، فكم بالحري الصلاة الى الله بلا انقطاع؟ لنفرض انك عدو وانك تطلب ما لا تستحق، لنفرض انك بذَّرت ميراث ابيك وتغيبت مدة طويلة… صمِّم النية على رجوعك الى الآب الرحيم تحصل على ما تريد لأنك إن جئت على الصورة المذكورة تلاشي الغضب حالا.

ربما تقول انني أُصلي لكن بلا نجاح، فصلاتك لا تشبه إلحاح الكنعانية وملازمتها ولا مجيء الصديق في غير أوانه ولا إصرار الأرملة على القاضي ولا تضرّع الابن الشاطر الذي بذَّر ميراث ابيه. فلو صليت مثل هؤلاء لحصلت على ما تطلب حالا لأن الله أب يحب أبناءه محبة شديدة. إن الله لا يفتش عن الاهانة ليعاقب عنها بل عن رجوعك اليه متوسلا.

ليت حرارة محبتنا كحرارة رأفة الله ومحبته لنا. فنحن، مع كوننا اشرارا، نتألم من اجل أبنائنا ونغض الطرف عن سيئاتهم. فإذا كنا نحن الذين نحب محبة طبيعية نتألم من أجل اولادنا، فكم بالحري يكون ألم الذي يحب البشر محبة خارقة الطبيعة؟ انه لم يتالم لأجل إهانتنا له بل لاننا رفضنا خلاصه. فالسيد يقول: “أتنسى المرأة رضيعها ولا ترحم ابن بطنها؟ لكن ولو ان هؤلاء نسين لا أنساك انا” (اشعياء 49: 15). ولذلك فلنبتهل الى الله صارخين: “والكلاب تأكل من الفتات الذي يسقط من موائد أربابها”.

لنتقرب من الله دائما، وليس في مناسبات خاصة وحسب. فمهما أكثرنا التردد الى الله بالسؤال نجده بانتظارنا، فاذا كنا لا نستفيد من ينبوع رحمته الذي لا ينفد، فما الذنب الا ذنبنا. اذا لم نسأله يبتعد عنا ويتحول. لقد افتقر حتى يعطينا الغنى. قد تحمل كل شيء حتى يجبرنا على الصلاة. فلا يجوز لنا أن نيأس ولو أخطانا يوميا، فلنبتهل اليه ونصلّ بحرارة لاجل خطايانا. بهذا نبتعد عن الخطيئة ونطرح روح الشر عنا، ونجذب رحمة الله الينا، ونحصل على الخيرات التي لا توصف بنعمة سيدنا يسوع المسيح ومحبته للبشر الذي له المجد والملك الى دهر الداهرين، آمين.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share