عظة صاحب السيادة الميتروبوليت إفرام كرياكوس في قداس الميناء احتفالي 01/11/2009

mjoa Monday November 2, 2009 212

باسم الآب والإبن والروح القدس آمين.

 

في هذا المثل الإنجيلي غنيٌّ استغنى عن الله وفقيرٌ اسمه لعازر “الله الرحوم معيني”. يتكلّم إنجيلُ لوقا على المال والفقراء يقول: “لا يقدرُ خادمٌ أن يخدمَ سيّدين لأنه إمّا أن يُبغض الواحد ويُحبَّ الآخرَ أو يلازمَ الواحدَ ويحتقرَ الآخر، لا تقدرون أن تخدموا اللهَ والمال”  (لوقا 16: 13).

 

الغنيّ يتنعّم ويترفّه كلّ يوم والفقير لعازر كان يشتي أن يأكلَ من فتات مائدة الغنيّ. هذه هي حالة معظم المدن الكبرى المحاطة بحزامٍ من الفقر المُدقع.
مات المسكين فانتقل إلى احضان ابراهيم أي إلى فردوس النعيم. هذا لأن الله كان متّكلَه الوحيد. ومات الغنيّ فانتقل إلى حالة من العذاب اللهيبيّ. وهناك هوّةٌ عظيمةٌ بين الإثنين إشارةً إلى استحالة تبدّل حالة الإنسان، استحالةِ التوبة بعد الموت.

حالة النفس بعد الموت، هي حالة انتظارٍ للدينونة فيها شيءٌ من العذاب للخاطئ وفيها شيءٌ من الفرح، فرح انتظار القيامة العامة وفيها أيضًا راحةٌ للإنسان غيرِ المثقّل بالخطايا. الله لا يُرين الإنسانَ فقط على شرّ فعله بل وأيضًا على خيرِ لم يفعلْه.

 

يتعذّب الغنيّ بسبب عدم رحمّته وبسبب قساوة قلبه. المثل هذا بمثابة تحذير من الإنخراط الزائد والمفرط في ملذّات الدنيا في الرفاهية الزائدة وما يتبعها من أخطار. المنبهرُ بالمال بالسلطة وبالجسد، بالذكاء وبالعلم لا يجد عونًا من الربّ لأنّه قد استغنى عن المسيح: لقد أهمل كلامَ الإنجيل والصلوات ووضع كلّ ذلك جانبًا في برنامج حياته بل ويستهزئ أحياناً بكلام الله.

              
أيها الأخوة الأحبّاء
في العالم اليوم وخصوصاً في بلدنا همُّ مسيطرٌ على عقول الناس والمالُ أصبح مطيّةً للتفتيش عن اللّذة، عن السلطة والتنعّم. الرفاهية الزائدة تقود إلى قساوة القلب، إلى الخطيئة حسب القدّيس يوحنا الذهبيّ الفم. وشرّ الخطايا هو عدمُ الإحساس بالخطيئة بحسب القدّيس اسحق السرياني.

نعم هذا ما نتعلّمه من إنجيل اليوم. ليس من حقيقة فوق حقيقة فوق حقيقة الإنجيل. تنعّم الغني أرسله إلى الجحيم وصبرُ لعازر أوداه إلى أحضان ابراهيم أي إلى فردوس النعيم.

 

الكنيسة ومؤسساتها ليست من أجل تجميع الأموال وخدمة نفسها وتغذية أهواء السلطة والرفاهية- نعم إن المال وُجد لتسهيل أمور الناس وتلبية حاجاتهم الشرعيّة. ولنا أن نتعلّم كيف تُنظّم الأمورُ الماليّة من أجل خدمة الآخرين. طبعاً لنا أن نصبرَ على الأغنياء المتنعمّين والوجهاء المتسلّطين.

 

 الكنيسة ورأسها المسيح وُجدت من أجل الرحمة والتحنّن على القريب.
هذا ما كان ينقص لدى الغني في المثل الإنجيليّ ليس الغنى بحدّ ذاته عيبًا ولا الفقرُ بحدّ ذاته فضيلةً إنّما قساوة القلب، عدم الرحمة وعدم الإحساس بالخطيئة هذا هو العيب الكبير، وهذا ما يعترينا اليوم أحياناً كثيرة. فلنصحَ قبل فوات الأوان ونحمل رسالة الرب يسوع في الأرض حتى لا ينقضّ ويلُ الجحيم علينا فنهلك إلى الأبد.

 

وبالمناسبة عرفتُ كم من جهود خفيّة وظاهرة بُذلت في هذه الرعيّة عبر مجلس الرعية أو خارجه، أو عبر مؤسسة أو جمعيّة أخرى من أجل إعانة الفقير جهودٍ بذلها أصحابُها لا للوجاهة أو لمجرّد تمثيل العائلة بل من أجل نقل عزاءِ الله للآخرين هذا ناتج عن فعل إيمان مجسّد وشعور داخليّ مع القريب المطروح عند بابنا مهما كانت هوّيته أو دينه.

 

وبالمناسبة أيضًا أذكر مساهمة كهنة الرعية الورعين الذّين ساهموا ويساهمون في نشر روح الشركة فيما بين الناس. وأخصّ بالذكر المتقدم في الكهنة الأب غريغوريوس موسى لمناسبة ذكرى سيامته كاهناً في هذه الرعيّة المباركة في 31 تشرين الأول 1965 أي مرور 44 سنة راعيًا وخادماً أميناً سائلاً الله أن يمنّ علينا بالإستمرار في هذا الخطّ المبارك من أجل استدرار رحمته ونعمه علينا، على بلدنا وعلى العالم أجمع.

 

القدّاس الإحتفاليّ الثاني للميتروبوليت إفرام كرياكوس
 في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس – الميناء
 نهار الأحد الواقع فيه 1 تشرين الثاني 2009

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share