يسوع الخادم
“لم يأتي ابن الأنسان ليخدم بل ليخدم ويبذل حياته”(مر45 – 10). “جئت لأعلن الخلاص للمساكين”(لو 4- 18). “انا بينكم كالخادم” (لو 22 – 27). “لقد اعطيتكم المثال … العبد ليس افضل من السيد” (يو 13 – 15).
بمجيئه خلص يسوع البشر واعلن لهم كيف يريد الأب ان يخدم: يريد منا الأب ان نتعب من اجل اخوتنا كما فعل يسوع من اجلنا.
كيف خدم يسوع؟ خدمة يسوع العظمى تكمن باعلانه طريق الخلاص بالايمان والتوبة واتباع وصايا انجيله، وبتحقيقه هذا الخلاص بموته على الصليب وقيامته وارساله روحه القدوس. كذلك اثناء وجوده على الأرض اظهر يسوع قدرته وحنانه تجاه البشر بشفاء المرضى واخراج الارواح الشريرة واقامة الموتى وغفران الخطايا.
هكذا عالج يسوع كل ما يجزأ الأنسان ويبعده عن الله، كل ما هو ناتج عن الخطيئة والشرير. ربط يسوع الامراض، بالخطيئة، فعالج الامراض الجسدية والامراض النفسية التي تولد الخوف والكابة وانفصام الشخصية. اعاد الانسان الى وحدة الذات والى العافية والقربى من الله. وقد علمه ان طريق الشفاء من الامراض والموت، الناتج هو ايضا عن الخطيئة، يكمن في الايمان بالله والتمثل بمسيحه والتوبة اليه والى اخوته البشر. هؤلاء تجمعه بهم المحبة ذاتها التي لله (“احبوا بعضكم بعضا كما انا احببتكم”).
الامتثال بيسوع
هم الحركة الاول يكمن في ان يصبح كل عضو فيها متمثلا بيسوع، مكتسبا فكره، متخلقا باخلاقه، وان تصبح الجماعة الحركية والكنسية جماعة متمحورة حوله، جماعة تائبة، شاهدة وخادمة على منوال سيدها. هوية الحركة هي اذاً الحياة في المسيح. نظامها الانجيل مترجما حياة. قانونها المحبة واعلان رسالة الخلاص لكي يصل الكل الى ملء قامة المسيح.
الحياة في المسيح
طرحنا على انفسنا منذ سنوات قليلة بعض التساؤلات لحسنا على حياة افضل في المسيح. قلنا انذاك:
هل نحن حقا تلاميذ ليسوع تربطنا فيه علاقة شخصية ونسعى للتخلق باخلاقه؟
هل نحن، جماعة وافراداً، انجيليون في فكرنا وتصرفاتنا وعلاقاتنا وخدمتنا؟
هل نحن نصفح لبعضنا البعض ولكل البشر وخاصة الاعداء لاننا نثق بان الله يتوب علينا اذا تبنا اليه؟
هل نحن حاملون حقا هم الكنيسة ونتمزق اذا شاهدنا عيوبا فيها واذا لاحظنا ان معاصينا تحول دون ابراز وجه المسيح فيها وهبوب روحه القدوس؟
واخيراً وليس اخراً، هل نحن حقاً خدام في الكنيسة والمجتمع والعالم، همنا التبشير بمحبة الله؟
هل نحن مقتنعون بان الناس اذا احببناهم من دون تمييز او محاباة وكنا مستعدين دوماً لخدمتهم، سيكتشفون ان الله يحبهم؟
من يجاوب في قرارة نفسه على هذه التساؤلات بانه يسعى ويريد ان يكون هكذا، هذا يكون في طريق الحياة في المسيح. ولكن خشيتي ان يكون الكلام عن الحياة في المسيح شعراً نستلذ به وليس جهاداً وفعلاً وممارسة مع الاخوة والاخرين. الاقتداء بالمسيح لا مفر منه اذا كنا نريد ان نكون مسحيين حقاً. يقول اغناطيوس الانطاكي في رسالته الى اهل فيلادلفيا: “اقتدوا بالمسيح كما اقتدى هو بابيه”(7- 2 ) والى اهل افسس: “افعلوا كل شيء ليسكن هو فينا ونصبح نحن هياكل له”(15- 3)، وايضاً: “انتم كلكم رفقاء طريق، حاملو الله … وحاملو المسيح” (9- 12). فهل نحن كذلك؟
خدمة الحركة الاولى والاساسية ان تدعونا وتعلمنا بالقول والممارسة كيف نصبح فعلا اولاد الله. هذا يحصل في حسنا الى التفتيش عن المسيح باستمرار وملاقاته في الصلاة الفردية والجماعية، والتأمل الدائم بانجيله، والاندماج به في سر الشكر، والشعور بوجوده كلما اجتمع الاخوة باسمه، وايضاً اكتشافه في الانسان، كل انسان ارتضى هو ان يسكن فيه ويدعونا ان نغسل رجليه على مثاله .الحركة مدرسة يتخرج منها مكرسين وخدمة وقديسين، والا، مهما اتسعت الاعداد والنشاطات، فهي فاشلة. وهذا كله يبتدىء في الفرقة وينطلق منها. على الفرقة الحركية ان تكون اولاً واساساً مختبراً للحياة في المسيح تحسنا الى اكتشافه في الليتورجيا والكتاب وفي الاخوة وفي كل انسان ات الى العالم لنخدمه ونعلن له وللعالم البشارة السارة التي في يسوع. الفرقة ليست اذاً اولاً مكان دراسة، مع انه لا بد من الدراسة لاكتساب فكر المسيح، لكنها مكان نتعلم فيه كيف نتمثل بالمسيح ونترجم فكره عيشاً، توبة، خدمة وشهادة. ونتعلم انه بالمعمودية نصبح “اعضاء لبعضنا البعض” (رو12 – 5) وان الحياة في المسيح ليست فقط في مناقببية ما، بل بالاستعداد لبذل الحياة كلها من اجل الاخرين، من اجل كل قريب يضعه الرب على دربنا، كما فعل هو. وان ذلك لا يتحقق الا بالافعال،والا، كما يقول يوحنا في رسالته الاولى: “محبتنا ستقتصر على الخطابات والكلام المعسول” ( 1 يو3- 18 ). وذلك لا يتحقق ايضاً بدون تغيير الذهن (وهذا المعنى الحقيقي للتوبة) وتبادل الغفران والمصالحة، لانه بهذا فقط نلا مس الثقافة المسيحية المرجوة اكثر من اي وقت مضى في عالم اليوم.