سبت النور

mjoa Wednesday March 31, 2010 372
يوم السبت العظيم هو اليوم الذي فيه استراح الرب في القبر والكنيسة تطلق عليه اسم السبت المقدس:
“إن موسى العظيم قد سبق فرسم هذا اليوم سرياً بقوله: وبارك الله اليوم السابع، لأن هذا هو يوم السبوت والراحة الذي فيه استراح ابن الله الوحيد من كل أعماله…” (سحرية السبت العظيم)
وإذ استعملت الكنيسة هذا العنوان، ربطت بين السبت المقدس وعمل الخلق. فكما نجد في كتاب التكوين أن الله خلق آدم في البدء على صورته ومثاله. وكان على الإنسان، لو أراد أن يحقق ذاته فعلاً، كان عليه أن يعيش في شركة متواصلة مع مصدر هذه الصورة وقوّتها الدينامية: الله. ولكن الإنسان سقط من الله. وعندها أتى المسيح، ابن الله الذي به خُلِق كل شيء، ليعيد الإنسان إلى شركته مع الله. وهكذا يُكمل الخليقة وتعود كل الأمور من جديد كما كان ينبغي لها أن تكون.
ها هو قد أنهى مهمّته. وهكذا فإنه، في يوم السبت المقدس “يرتاح من كل أعماله”.
Empty Tombخطئ آدم وسقط فدخل الموتُ إلى العالم بنتيجة سقوطه. فأتى المسيح ليخلِّص العالم من الخطيئة التي في يوم السبت العظيم تتوجه أنظارنا إلى قبر المسيح الذي ليس قبراً اعتيادياً بل هو القبر “الواهب الحياة”.
ننتقل من الحزن العميق في يوم الجمعة العظيم إلى الهدوء والراحة والتحضير لبهاء اليوم التالي، يوم الفصح المقدس. من خلال الموت، يحوِّل المسيح الحزن إلى مجد.
السبت هو اليوم الفاصل بين الحزن العميق والفرح الأبهى. إنه وقت الانتظار والشوق إلى القيامة التي هي ليست فقط انتصار المسيح، بل انتصار كل المسيحيين على الموت والفساد ورباط الخطيئة. انتصار المسيحيين على الخوف من الشيطان. (“لا تنوحي عليَّ يا أمي إذا شاهدتني في قبر، … لأني سأقوم وأتمجّد وأُعلّي مشرفاً كل الذين بأيمان وشوق يعظمونكِ”).

 

الإنتقال

في الحياة الرعوية، نلاحظ أن السبت العظيم هو يوم لا يحظى بالاهتمام اللازم. فقليل من الناس يشاركون بالخدمة الكنسية. وكثيراً ما نلاحظ أن الأسبوع العظيم، بالنسبة لعدد غير قليل من المؤمنين، يقتصر على يوم واحد: يوم الجمعة العظيم. أما يوم السبت العظيم فيليه بسرعة ويحل محله يومُ أحد الفصح. المسيح يموت ثم يعود فجأة إلى الحياة من جديد. الحزن العميق يحل محله بسرعة الفرح العظيم. في غمرة كل هذه الأمور يضيع نوعاً ما السبت العظيم.
أما الكنيسة فتفهم الأمور بشكل آخر: الحزن لا يختفي لكي يحلّ محله الفرح، إنه يتحول إلى فرح. هذا التمايز يدل على أن المسيح، بالموت تحديداً، يصل إلى النصر الأكيد.
صباح السبت هو آخر يوم من الصيام العظيم. إنه يوم نشعر فيه باستباق الفرح، ولكنه أيضاً يوم تأمل وصلاة وتهيّؤ للعيد العظيم، عيد قيامة ربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح. فيه نعيّد لنزول ربنا إلى الجحيم ونتحضّر للاحتفال بقيامته. كل هذا نراه في تراتيلنا التي تعبِّر عن “تمرمر الجحيم” وتهلل السماوات.

 

وطئ الموت بالموت

نرتل في طروبارية الفصح المقدس: “المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت”، هذه الجملة تعطي معانٍ كثيرة ليوم السبت العظيم. إن رقاد المسيح في القبر هو رقاد “فاعل”. إنه يأتي ليفتش عن صديقه الساقط آدم الذي يمثل كل البشر. وإذ لا يجده على الأرض، ها هو ينزل إلى مملكة الموت التي يطلق عليها اسم “مثوى الأموات” في العهد الجديد. هناك يجده ويقيمه ويعيده إلى الحياة من جديد. هذا هو النصر: الأموات أُعطوا الحياة. لم يعد القبر مكاناً متروكاً، منسياً، خالياً من الحياة. صارمكاناً تخرج منه الحياة. المسيح بموته وطئ الموت بالموت.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share