معنى اسم النبي “إشعياء” هو الرب يخلص.و كان إشعياء رجلا عالي الثقافة.أسلوبه الأدبي يعتبره العارفون رائعا، وهو أجمل ما ورد في كتابات العهد القديم. غالبية سفره شعر عبري راق.
ويبدو أن إشعياء كان يقيم في أورشليم وكان يعرف الهيكل والطقوس معرفة جيّدة. تزوّج ودعا امرأته “النبية” وكان له ولدان أطلق عليهما إسمين رمزيين ذات صلة بنبوءاته. واحد أسمه “شآر يشهوب” أي” البقية ترجع” وعلى الآخر اسم “مهير شلال حاش بز” اي “يعجل بالسلب ويسرع بالنهب”.
تكليف الربّ الإله إشعياء بالنبوءة وخطّته في تبليغ الشعب إلى الخلاص وردا في إطار كشفه لنفسه. إثر معاينة المشهد الإلهي المهيب ارتعد إشعياء وأعطى نفسه الويل. شعر، بإزاء الله، بحقارة نفسه، بالنجاسة والدنس. فالمرء في محضر النور يدرك ظلمة نفسه ويدرك انه هالك لأنه لا أحد يرى الله ويحيا. غير ان من أعلن عن نفسه هو يجعل معاينه أهلا لرؤيته. وإن قسا الرب وجفا فليس، في الحقيقة، عن تخل إلى الأبد، بل عن محبّة.قسوته، قائمة في محبتّه.تأديب هي لا قسوة قلب. الله محبّة. لذا كانت المحبة قاسية، ثقيلة على المعاندين حتى يلينوا. في هذا الإطار تفهم “استراتيجية” الربّ الإله، الذي يجرد شعبه من كل عزاء بشري أولا، لا بدّ لإسرائيل ان يصير إلى الضعف أولا، إلى الفقر، إلى الوحشة. وإذا كان السيّد الربّ قد وعد إبراهيم بالبركة ان تكون ذرّيته كنجوم السماء عددا فإن له بإزاء تعنّت شعبه موقفا آخر. ينقص عددهم ويقل عليهم لكي يوهنهم بالأكثر عسى يتضعوا. غير ان الله لا يشاء في الحقيقة، أن يفنيهم.
من جهة أخرى تذخر النبوءة بالمعطيات السياسية التي يصف فيها، إشعياء، الواقع السياسي السائد، ويأتي على ذكر التجاذبات الخاصة بإسرائيل في ذلك الحين. رؤيته تبدو واضحة وتبدو كلمة الله هي المتحكّمة فيما يجري من حيث إن الربّ الإله يسير بتاريخ الشعوب إلى مقاصد محدّدة هو ممسك بها. وإذ يهتمّ إشعياء بما يجري على صعيد التناقضات والتجاذبات السياسية وموقع الربّ الإله منها يهتمّ كذلك بالحالة الخلقية المتردّية للشعب ورؤساء الشعب فيلوم ويوبّخ وينذر. وتكتمل نبوءة إشعياء بالتعزيات التي يدخرّها الرب لشعبه، كل تاريخ الخلاص ينصبّ على “عبد يهوه” المحقق في شخص الرب يسوع.يوم كلمّنا الرب بابنه كان ذلك إيذانا بأن تاريخ الخلاص قد آل إلى أواخر الدهور. نبوءة إشعياء، وبخاصة الإصحاح 53 منها، استشراف للأتي على أعمق وأدقّ وأوضح ما تكون المعاينة.
وإذا كان المسيح المنتظر قد استبان في شخص الرب يسوع فإن ملامحه سبق لها ان ارتسمت في نبوءة إشعياء.
سفر إشعياء، لما أتى به في شأن عبده يهوه والعذراء التي تحبل وتلد ابنا يدعى اسمه عمانوئيل وما سوى ذلك من نبوءات، لهذا السبب بالذات، هو الأدق والأبرز والأهم بين أسفار أنبياء العهد القديم قاطبة.