لكن سوسن تخرجت من الجامعة في سن الثانية والعشرين دون خاتم زواج أو خاتم خطبة أو حتى صديق جاد. وهنا بدأت التعليقات:
“ما الذي يجعلك تتأخرين في الزواج؟”
“لماذا لم يخطفك رجل بعد؟”
“ألا تعتقدين أن الوقت قد حان لكي تنضجي وتستقري؟”
“انتبهي! فأنت تكبرين”.
“ربما آن الأوان لتتوقفي عن البحث عن الرجل الكامل واقبلي برجل مقبول.”
أدركت سوسن أنّ بعض الناس يتساءلون أن كانت تعاني من مشكلة ما. وكانت تعرف في نفس الوقت أن نواياهم حسنة تجاهها، لكنها سرعان ما سئمت أسئلتهم وتعليقاتهم حول عزوبيتها. ثم تقدم لخطبتها اثنان، لكنها رفضتهما.
قالت: “أعرف أن أشخاصاً كثيرين يعتقدون أني غريبة الأطوار لأني لا زلت عزباء. لكني لا أريد أن أتزوج لأني شخصاً غيري يعتقد أن علي أن أتزوج. سأتزوج حين أجد شخصاً أحبه بقية حياتي. فأنا مستعدة للانتظار إلى الأبد، إن كنت مضطرة لذلك، لأجد ذلك النوع من الحب”.
مشكلة العزوبية
يمضي معظم الشباب طفولتهم وسنوات مراهقتهم وهم يفكرون بالزواج، ويحلمون به ويخططون له. ويرسمون في خيالهم صورة للشخص الذي سيتزوجونه, وللحياة الزوجية وعدد الأطفال الذي سينجبونهم. وترى الغالبية العظمى من الشباب أن الزواج جزء من مستقبلهم. تقول دائرة الإحصاءات في الولايات المتحدة إن 68 بالمئة من النساء الأمريكيات يكن قد تزوجن في سن التاسعة والعشرين, وإنّ 81 بالمنة منهن يكن قد تزوجن في سن التاسعة والثلاثين.
غير أن عدد الرجال والنساء الذين لا يتزوجون أبداً في تزايد مستمر. تقول “ستيفاني براش” إن نسبة النساء اللواتي لم يتزوجن بين سن العشرين والرابعة والأربعين قد زاد عن الضعفين خلال السنوات العشرين الماضية. إذ ارتفعت من 6 بالمئة إلى 13 بالمئة من مجموع النساء البالغات في الولايات المتحدة. ويلقي بعض الباحثين الضوء على هذه المجموعة من السكان: “من بين هذه المجموعة من ينظر إلى نفسه كأعزب مؤقتاً ويندرج تحت هذه الفئة, الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن الخمسة والعشرين عاماً, الذين خرجوا من المدرسة وذهبوا للعمل, أو للدراسة في الجامعة ويتوقعون أن يتزوجوا وينشئوا عائلات خاصة بهم. ويركز كثيرون من الذين يندرجون تحت الفتة العمرية من 25-35 عاماً على أهداف مهنية دون تفكير كثير في الزواج. وهنالك أيضاً العُزاب الذي نووا أن يتزوجوا لكنهم لم يتزوجوا بسبب أو لآخر وتشمل فئة الأشخاص الذين لم يتزوجوا قط، بعض الذين اختاروا ألا يتزوجوا (رغم أن الفرصة سنحت لهم)، أو بعض الأشخاص الذين اختاروا حياة العزوبية من أجل تكريس كل طاقتهم لدعوة الله وخدمته”.
لقد وصل عدد العُزاب الذين لم يتزوجوا قط، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يتحولون إلى عُزاب بعد موت الشريك الآخر أو طلاقهم، إلى 65 مليون شخص في الولايات المتحدة. وهذا العدد آخذ في التزايد.”
ورغم أن هنالك قبولاً متزايداً بطيئاً (وارتياحاً) للعزوبية وأنماط حياة العزوبية في المجتمع الغربي، فإن كثيرين من الرجال والنساء يفزعون من احتمال العزوبية. تحدث أحد الرعاة عن إمرأة كانت تئن وتشكو من عزوبتها، قالت: “إنني أتقدم كثيراً في السن! ولا أدري ماذا أفعل.” وعندما سألها عن عمرها أجابت: “ثمانية عشر عاماً”
ليس مثل هذا الفزع غريباً بين العُزاب والعازبات، حتى بين الذين لا يزالون في سن المراهقة أو أوائل العشرينات فالمراهقون والشباب البالغون يتوقون إلى اختيار علاقة حميمة، والانتماء إلى شخص ما. ويخشى كثيرون ألا يختبروا مثل هذه الأمور. وينفذ صبر بعضهم خاصة عندما يرون أن أصدقاءهم يخطبون ويتزوجون ويصبح عدد كبير منهم نكديي المزاج أو مكتئبين، ومقتنعين بأنهم لن يحبوا أبداً حباً حقيقياً عميقاً ورغم أن آخرين هم أكثر استعداداً لقبول العزوبية، سواء كانت مؤقتة أم دائمة، إلا أنهم يبدؤون بالنظر إلى وضعهم على أنه ليس الوضع الأفضل، وينظرون إلى أنفسهم على أنهم أشخاص من الدرجة الثانية.
الظروف هي سبب عزوبية كثيرين من الرجال والنساء. فربما يسعون إلى إكمال تعليمهم أو نجاحهم المهني مما لا يترك لهم وقتاً كافياً لتطوير علاقات. وقد يكونون خجولين وقد تصعب عليهم مسؤولياتهم العائلية (مسؤوليات عن والدين أو أطفال مثلاً) التعرف إلى أشخاص جدد. وربما لم يقابلوا “الشخص المناسب” بعد. قالت إمرأة عزباء: “أعتقد إني عشت عزباء كل هذه الفترة لأني أقدر مؤسسة (رابطة) الزواج كثيراً. وقد رأيت أشخاصاً كثيرين جداً يتعاملون مع الزواج وكأنه نوع من بروفة (تمرين) لقياس الملابس المفضلة.”
ويرجع القلق والحيرة اللذان يحيطان غالباً بالشخص الأعزب إلى “عدم توفر معلومات كافية حول العُزاب وأنماط حياتهم، بالإضافة إلى أسئلة العزاب حول أهدافهم، وحاجاتهم، وهوياتهم” حسب رأي “كارولين كونس” وتقول كونس:
“يخشى بعض العُزاب استمرار العزوبية مدى الحياة. وهم يميلون إلى تصديق المغالطة التي تقول إن الحياة الزوجية هي في كل الأحوال أفضل من حياة العزوبية. يجب أن ننظر إلى العزوبية على إنها فترة أو فصل زمني. والفصل أمر يصعب التنبؤ به. وليس له طول محدد ويتسم بالفرص المتنوعة. وربما يستمر هذا الفصل طوال العمر.”
* الاختبار
ويختار آخرون العزوبية لأنفسهم. ربما كانوا قد صمموا تصميماً واعياً على الانتظار حتى التخرج للزواج. وربما يحسون براحة تامة في عيشتهم وحدهم وربما يحبون الانطلاق دون قيود إلى دول أخرى لقضاء إجازة فوراً ودون استشارة أحد أو موافقته. تقول “انجلا نيل”:
“إن الأشخاص الذين يمتلكون إحساساً حقيقياً بأنفسهم، الأشخاص الذين يثقون بأنفسهم ويعرفون الأمور الهامة لهم، هم أكثر ميلاً من غيرهم للبقاء عُزاباً.”
ومن ناحية أخرى يقول “كلاركسون”:
“إن كثيرين ممن يختارون حياة العزوبية إنما الاعتماد على الشخص الآخر, أو الخوف من الهجر ويقول: “وهذا لا يعني إن العُزاب ليسوا سعداء لكن واحدة من أكبر مسائل العلاقات هي الخوف من الاعتماد على الطرف الآخر والهجر منه. وقد يريح بعض الناس أن يبقوا تلك المخاوف ويبقوا عزاباً بدلاً من فضح الجراح القديمة والتعامل مع المخاوف المتأصلة.”
عواقب العزوبية
يجب التوكيد على أن العزوبية ليست مشكلة بالضرورة إلا بالنسبة للعزاب الذين يرغبون في الزواج، أو الذين يسمحون لردود فعل الآخرين بإشعارهم بأنهم أشخاص من الدرجة الثانية وللعزوبية ميزاتها ومساوئها.
ميزات العزوبية
تعطي العزوبية فرصة لتطوير الشخصية وتشكلها. ويقول “جين كارسين”:
“غالباً ما تكون نظرة الناس إلى العزوبية سلبية لكن للعزوبية ميزات أيضاً إذ تتوفر للأعزب فرصة لتطوير شخصيته. أما إذا تزوج المرء وأنجب أطفالاً فلن يكون لديه متسع لذلك.”
تعطي العزوبية فرصة لتطوير صداقات عميقة. يقول “هايديديان”:
“قليلون فقط هم الذين يدركون مدى إشباع الصداقات لحاجات عميقة كنا نربطها سابقاً بالزواج”. ويمكن للعزاب غالباً أن يطوروا علاقات عميقة دائمة مع كلا الطرفين.
تعطي العزوبية فرصة للعزلة والخصوصية. يتمتع العزاب والعازبات عادة بقدر من العزلة والخصوصية يفوق المتزوجين. إذ يستطيعون أن يفكروا، ويعلموا، ويناموا، ويبدعوا، دون مقاطعة من أحد في جو يختارونه.
تعطي العزوبية فرصة لحرية أكبر. يمكن أن يكون العزاب أكثر قدرة على الحركة والتنقل في مجتمع على مستوى عالٍ من الحركة والتنقل. فهم أكثر حرية في الاستجابة لفرص العمل الجديدة، واتخاذ قرارات دون استشارة أحد، ومتابعة هوايات واهتمامات متنوعة. وليسوا نضطرين للتأقلم مع برامج الزوج، أو الزوجة، أو الابن، أو الابنة، وعاداتهم، ومطالبهم.
تعطي العزوبية فرصة للبساطة. يقول “براون”:
“إن ما يجعل حياة العزوبية جيدة هو البساطة، حيث يختفي منها تعقيد الحياة الزوجية”. ويوضح علماء آخرون أنه: “حين يقرر شخص أعزب أن يشتري سيارة، فإنه لا يدخل في اعتباره سوى حاجاته ورغباته. غير أن العائلة تقضي ساعات طويلة في مناقشة شراء نفس السيارة. فهنالك أشخاص كثيرون وعوامل كثيرة يجب إدخالها في الحسبان. كما أن من شأن الزواج أن يدخل المرء في شبكة من العلاقات (أقارب الزوجين). ويمكن أن تكون هذه العلاقات بركة أو مسألة تستنفذ الوقت وتورث الهم أحياناً.
مساوئ العزوبية
غير أن العزوبية ليست كلها سعادة وراحة. فهنالك مساوئ لكون المرء أعزب، ولبقائه على هذه الحال أيضاً.
إمكان توليد الإحساس بالوحدة. لا يحس كل العزاب بالوحدة لكن كثيرين منهم يرون أن الإحساس بالوحدة هو أحد الصراعات الكبيرة في حياتهم. تقول “بينر”:
“عندما نتحدث مع العزاب خاصة الذين مضت عدة سنوات على عزوبيتهم، فإننا نسمعهم يتحدثون عن الحاجة إلى التواصل الحيوي مع شخص ما، خاصة من الجنس الآخر”.
إمكان أن تكون مصحوبة بمشاعر الانعزال وعدم القبول. يقول “كليفورد وبينر”:
“إن معظم المجتمع، ما عدا القطاعات الصغيرة للعزاب في المدن الأمريكية الرئيسية، مصمم للمتزوجين وللعائلات.”
وغالباً ما يحس العزاب أنهم مهملون أو منبوذون من المتزوجين والمجتمع بسبب عزوبيتهم.
إمكان خلق إحباطات وضغوطات جنسية. لا يمنع الزواج بطبيعة الحال الإحباطات الجنسية، لكن غياب الإشباع الجسدي يشكل صراعاً مستمراً لدى عزاب كثيرين. فبعضهم يجاهد ضد الإحباط الجنسي كل يوم، وربما كل ساعة، بينما يجاهد آخرون ضدها من فترة إلى أخرى.”
صراعات أخرى في العزوبية. كما يجاهد عزاب كثيرون في بحثهم عن الهوية ضمن مجتمع المتزوجين وفي ميلهم للانشغال بالذات، وفي تطوير نمط من الحياة وحدهم دون شريك، وفي الضغوطات الخارجية، والانتقادات، وسوء الفهم من العائلة والأصدقاء.
نظرة الكتاب المقدس للعزوبية
قال “هارتلي”: “لم يتزوج يسوع قط، وكان إنساناً طبيعياً، ولم يتزوج بولس وكان إنساناً طبيعياً، كما لم يتزوج يوحنا المعمدان وكان طبيعياً. والتاريخ مليء بالرجال الطبيعين والنساء العاديات الذين لم يتزوجوا قط. ونحن نحتاج أن نفهم أن المرء الواحد عدد صحيح”.
وفي حقيقة الأمر يوضح مقطع، غالباً ما يهمل في كلمة الله، أن للعزوبية ميزات كثيرة للرجال والنساء الأتقياء:
“وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهن. ولكنني أعطي رأياً كمن رحمه الرب أن يكون أميناً. فأظن أن هذا حسن لسبب الضيق الحاضر، أنه حسن للإنسان أن يكون هكذا: أنت مرتبط بإمرأة فلا تطلب الانفصال. أنت منفصل عن إمرأة فلا تطلب إمرأة. لكنك وإن تزوجت لم تخطئ. وإن تزوجت العذراء لم تخطئ. ولكن مثل هؤلاء يكون لهم ضيق في الجسد وأما أنا فإني أشفق عليكم.
فأقول هذا أيها الأخوة: الوقت منذ الآن مقصر، لكي يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم. والذين يبكون كأنهم لا يبكون، والذين يفرحون كأنهم لا يفرحون، والذين يشترون كأنهم لا يملكون، والذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه. لانه هيئة هذا العالم تزول. فأريد أن تكونوا بلا هم. غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضي الرب، وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضي إمرأته. إن بين الزوجة والعذراء فرقاً: غير المتزوجة تهتم في ما للرب لتكون مقدسة جسداً وروحاً. وأما المتزوجة فتهتم في ما للعالم كيف ترضي رجلها. هذا أقوله لخيركم، ليس لكي ألقي عليكم وهقاً بل لأجل اللياقة والمثابرة للرب من دون ارتباك”.
يقدم “كلير وجونر” وجهة نظر مفيدة وموجزة حول هذا المقطع. يقولان:
التحرر من المتاعب
لا يقلل الرسول بولس من قيمة الزواج، ولكنه يقول إن الزواج يجلب معه المشقة. يقول: “ولكن مثل هؤلاء يكون لهم ضيق في الجسد. وأما أنا فإني أشفق عليكم (من هذا)” (1كورنثوس28:7): إن الاهتمام بشخص واحد أسهل من الاهتمام بعائلة كاملة.
التحرر والانطلاق للخدمة
يملك العزاب وقت فراغ للقيام بعمل الله أكثر من المتزوجين. يوضح بولس أن الرب قادم عما قريب، وأن فرصة ربح الناس للمسيح تقصر أكثر فأكثر. “الوقت منذ الآن مقصّر… لأن هيئة العالم تزول” (1كورنثوس29:7-31) وعندما تتزوج فإن الوقت الذي يمكنك تخصيصه لخدمة الآخرين يقل بشكل جذري.
التحرر من القلق على العائلة
عندما تتزوج يكون لديك ما يدعوه بولس “هماً” (1كورنثوس32:7-34) وإن أحد هموم الشخص المتزوج الرئيسة هو رفاهية عائلته.
هل أقوم بتسديد حاجاتهم المادية بشكل مستمر؟ إن الاهتمام بالحاجات المادية لشريك الحياة وللأبناء أكثراً تعقيداً (ناهيك على أنه أكثر تكلفة) من الاهتمام بحاجات فرد واحد.
وهنالك أيضاً موضع المصلحة الروحية لعائلة فنحن نستثمر ساعات طويلة في مساعدة زوجاتنا وأبنائنا روحياً وهم يحتاجون إلى اهتمام دائم لكي ينموا في محبة يسوع ويتبعوه.
كما أن الصحة العاطفية لعائلتك تستحق اهتمامك أيضاً حاجات الطرف الآخر العاطفية. كما أن الأبوين مسؤولان عن إشباع أبنائهم بالمحبة، والاهتمام، وإعطائهم الوقت الذي يحتاجونه. وإن الوقت الذي يصرفه الآباء في هذا الأمر لا يعتبر شيئاً بالمقارنة مع ذاك الذي تصرفه الأمهات.
يلخص بولس ميزات العزوبية في (1كورنثوس35:7) حيث يقول لإن “العزوبية تمكن الإنسان من أن يحيا للرب في تكريس كامل، المثابرة للرب من دون ارتباك” ولا يرى كثيرون في هذا الفصل لسوء الحظ “دعوة سامية” لهم. لكن العزوبية حسب (1كورنثوس7:7) موهبة من الله تماماً كالزواج. إن الزواج شيء رائع، وكذلك العزوبية. وبما أنه يمكنك تكريس نفسك كأعزب للمسيح دون أية ملهيات، فإن من الحكمة أن تضع في الحسبان، إن كان الله يريدك أن تتزوج، قبل أن تفكر في الشخص الذي يريدك أن تتزوجه.
الاستجابة لمشكة العزوبية
إصغ، تعاطف، أكد، وجه، أشرك، حول.
قد يحتاج الشاب (أو الشابة) المرتاح لمسألة عزوبته إلى المساعدة في نواح عملية، مثل الانضمام إلى خدمة للعزاب المؤمنين، أو تشكيل مثل هذه الخدمة. لكن الأعزب الذي يحتاج إلى تدخل أشخاص بالغين مهتمين، هو ذاك الذي يجد صعوبة، ويختبر الإحباط في العزوبية.
ويمكن للأب، أو الراعي، أو قائد الشبيبة الحكيم أن يشجع الشاب (أو الشابة) على قبول عزوبته والنجاح فيها مستخدماً استراتيجية شبيهة بما يلي:
أصغِ إليه: أظهر اهتمامك وذلك بإصغائك لمشكة الشاب. لا تكتفِ بمساعدته على التعبير عن مخاوفه وهمومه. بل اطرح عليه أسئلة تهدف إلى تشغيل فكره واكتشف من خلال النقاش أسباب مخاوفه وقلقه. واحرص أيضاً على عدم التعبير عن استهجانك لتعليقاته. فمن شأن ذلك أن يجعله يحجم عن مزيد من المكاشفة الصريحة.
قد تفيدك الأسئلة التالية في مسعاك:
• ما هو أكثر/ أقل ما يزعجك حول موضوع عزوبتك؟
• هل تعتقد أن هنالك أية مزايا “لعدم الارتباط؟” ما هي؟
• ما هي الحاجات التي تأمل في تسديدها من خلال علاقة رومانسية؟
• ما هي الامور التي ستختلف في حياتك إذا دخلت علاقة جادة؟
• هل يمكن أن تغير علاقة جادة من نظرتك إلى نفسك؟ كيف؟
• هل تعتقد أن عزوبتك أمر مؤقت أم دائم؟
• لو عرفت أن عزوبتك أمر مؤقت، فهل كنت ستجري أي تغيير في حياتك أو نشاطاتك؟ ولو عرفت أن عزوبتك أمر دائم، فهل كنت ستجري أي تغيير في حياتك أو نشاطاتك؟ ما هو؟
يمكن أن تكشف الأسئلة السابقة أن العزوبية ليست المصدر الوحيد لصراع الشاب. فقد يتضمن مصدر الصراع، مسائل أخرى مثل التقدير غير الصحي للذات أو الإحساس بالوحدة.
تعاطف معه. تقابل مع الشاب على أرضه أي في المرحلة التي وصل إليها، لا في المرحلة التي وصل إليها، لا في المرحلة التي تعتقد، أو تأمل أن يكون فيها. حاول أن ترى الأمور من خلال عينيه. فقد تبدو بعض المخاوف والهموم غير عقلانية كلياً إلى أن يبدأ الشخص البالغ المهتم بالتعاطف مع الشاب والنظر إلى الأمور من وجهة نظره أو نظرها. حاول أيضاًُ أن تفهم الحاجات العاطفية والروحية التيتجعل احتمال العزوبية يزعجه. عبر عن تعاطفك معه عن طريق:
• الإصغاء المتسم بالانتباه وعدم الإدانة.
• الانحناء إلى الأمام في كرسيك للدلالة على الاهتمام.
• المحافظة على اتصال العيون.
• الإيماءات المشجعة (مثل هز الرأس الي يعني: “تابع حديثك”)
• التحدث بنبرة ملطفة.
• إعادة صياغة التصريحات الهامة (“أنت تقول..” ، و “لابد أنك أحسست بـ..”)
• ابداء الصبر. أصبر أثناء فترات البكاء أو الصمت.
أكد قبولك له. يقول “لندبلاد”: “عبر للشاب عن تقديرك لقيمته في عيني الله وعينيك”. وانتهز كل فرصة للتعبير عن احترام له، واحرص على أن “تفصل ما بين قيمة الفرد، وأخطائه، وإحباطاته”. وانتبه إلى أن أخطاءه لا تلغي قيمته. احذر من أن تتملقه بمديح زائف. لكن حاول أن تظهر بكلماتك وتصرفاتك الاحترام والتقدير للشاب أو الشابة.
وجّهه إلى الطريق الصحيح. يمكن للآباء، أو الرعاة، أو مرشدي الشبيبة، أو المعلمين أن يساعدوا شاباً غير مرتاح أو محبطاً بسبب عزوبته بتوجيه طاقاته نحو خمس نواح يقترحها “بيرنل”:
“اختبرت لحظات حلوة وأخرى سيئة عندما كنت أعزب. لكني اكتشفت أن أموراً معينة أبقتني على الطريق الصحيح. كان أول هذه الأمور كلمة الله. فقد أعطتني أساساً قوياً لحياتي. وتعلمت أن أتمسك بالحق بغض النظر عن مشاعري، أو الظروف المحيطة بي. وهكذا أصبح الكتاب المقدس دليلي في الحياة.
وكان الأمر الثاني هو الله نفسه. كانت علاقتي بالرب مصدر فرح ورجاء. وأصبحت الصلاة بالنسبة إلى حديثاً ثميناً مع الله. وتعلمت أن أكون صريحاً وصادقاً معه في التعبير له عن أفكاري ومشاعري، وكان الحبيب الوحيد الذي سبكت نفسي أمامه.
والأمر الثالث كان الأصدقاء. الصداقة وفرت لي رفقاء يهتمون بي. أصبحوا “عائلتي”. حيثما كنت أسافر كنت أصنع الأصدقاء وأقضي الوقت معهم. وعندما عدت إلى بلدي كان زملائي في السكن ومجموعة درس الكتاب يشجعونني كثيراً.
وكان الأمر الرابع هو الخدمة. ليس هنالك أمر أكثر إرضاء للمرء، وتحقيقاً لذاته من تسديد حاجات الناس الآخرين. لم يكن هدف حياتي أن أتزوج، أو أن أؤسس بيتاً، بل أن أمجد الله بمواهبي. ولقد أدى اشتراكي في حياة الآخرين إلى تحويل تركيزي على ذاتي إلى التركيز على الآخر.
وكان الأمر الأخير هو النشاطات الممتعة. فهذه النشاطات توسع فكر الإنسان وتوفر له المتعة. وقد وفرت لي عزوبتي الوقت للاشتراك في هوايات ورياضات متنوعة”.
أشركه في التنفيذ. ابذل كل جهد لإشراك الشاب في التخطيط للتعامل مع لقضايا التي تسبب له عدم الارتياح أو الإحباط في عزوبته. ساعده على حل المشكلة، لكن تجنب القيام بالتفكير والتصرف بدلاً منه. فهذا واجبه هو. اطلب رأيه ونصيحته. امدحه على إنجازاته. وساعده على التركيز على التحسن، لا على الكمال. وعمق روح الدهم والتعاون في الخدمة بين هذا الشاب والعزاب الآخرين.
حوّله إلى أخصائي. يقول “لندبلاد”: “يجب أن تدرك قدراتك المحدودة، وتقوم بتحويل الشاب عند الضرورة إلى مرشد مختص. وإذا بدا أن هنالك ضرورة لإرشاد طويل المدى، قم بتحويله في مرحلة مبكرة لكي يتمكن من تطوير علاقة إرشادية مع شخص يمكن أن يعمل معه فترة طويلة”. ويجب القيام بهذا الأمر بمعرفة الأبوين واشتراكهما. ويجب أن يرافق ذلك دعم مستمر من الأبوين، وأشخاص آخرين بالغين يهتمون بالناس.
ترجمة عصام خوري، سمير شوملي