تبدأ السنة الطقسيّة بعيد البشارة وهو بدء خلاصنا تقول عنه الكنيسة “رأس خلاصنا وظهور السرّ الذي منذ الدهور”،إنه السرّ الذي ينجلي في الميلاد والظهور الإلهي، ويسير بنا الى الاسبوع العظيم وفجر القيامة، ثم تأتي العنصرة لتكتمل المسيرة الخلاصيّة وتسكن فينا.
الأقنوم المحتفى به في الثالوث في العنصرة هو الروح القدس، لم يكتب عنه الكثير. لم يبحث فيه اللاهوتيون كثيرا ولا يوعظ عنه كثيرا ولا يتذاكر المؤمنون به، كأنه محاط برهبة، أو لعله لبّ السرّ الإيماني.
الآب، خالق ضابط الكل أعماله تدلّ عليه، الكائنات هي صنع يديه. وهوإاله الكون الذي تتوجّه اليه كل الكائنات وتطيع أمره علمت أم لم تعلم، اقرّت أم لم تقرّ. الفلاسفة تلمّسوه، الأنبياء خضعوا له، وهو الإله الذي عرفه العهد القديم، الديّان العادل، معطي الوصايا وله التأديب وهو في الوقت نقسه إله الرحمة ، حتى أرسل ابنه.
المسيح عرفناه في الجسد، كشف لنا ان الله أب وهو محبّ حتى انه بذل ابنه الوحيد لخلاص البشر. وبه صار بإمكاننا ان نتوجّه الى الله الخالق الديّان بدالّة الأنبياء ونتخلّص من عبودية الناموس وقبضة الشر. أخرجنا المسيح الذي عاش بيننا وأكل معنا واختبر حياتنا من العزلة التي كانت تفرقّنا عن الخالق والخوف الذي كان حاجزاً بيننا وبين الإله الديّان. استأنسنا به وتخلّصنا من الوحشة وعاشرناه كما نفعل في أيام الصوم وأمننا بقدرته معنا. فهو ربّ القوات معيننا، ونحن لم نعد نخشى شيئاً “لأن الله معنا”. المسيح يسلّم ذاته للصلب الذي أتى من اجله حتى “يتمّ كل شيء”.
وحتى لا نعود الى الخوف وعدنا بالمعزّي “سأطلب من الآب أن يعطيكم معزياً آخر يبقى معكم الى الأبد”. (يوحنا 14 : 16).