هجر داود موطنه منذ وقت مبكر، صار راهبا في دير القدّيسين ثيودوروس وموكوريوس المسمى الكوكولاتيس،في تسالونيكية. تصدّى لوثبات الجسد بنسك زائد مسترشدا بالكتب المقدّسة وحياة القدّيسين.ورغب في الأقتداء بالقدّيسن امثال سمعان الكبير وسمعان العجيب ودانيال وباتابيوس. فاستقر على غصن كعمودي من نوع جديد، وكابد بصبر، قسوة الأحوال الجوية. كان محروما من الإستقرار دون العمودّيين على أعمدتهم. وصار رجال أتقياءغيارى على الفضيلة تلاميذ له ورجوه ان ينزل ويرشدهم ألى مراقي حياة الرهبان، جوابه كان أنه لن ينزل قبل أن يتلقى علامة من الرب، وكانت له رؤيا في الوقت المحدد أخبرها لتلاميذه وأنه حان له أن ينزل لأن الرب سيوكل إليه مهمة أخرى، ودخل معتزله مواكبا بالتراتيل والتسابيح. واقتنى من الله فيضا من النعمة وحظوّة لدى الله.
وتكرر مشهد النار التي تخرج من نافذة قلايته دون ان يلحقه أذى، هذا المجد الذي عاينه داود أعطاه الربّ الإله به القدرة على طرد الأرواح الشريّرة وردّ البصر للعميان وشفاء المرضى بذكر اسم المسيح حتى بات لسكان المدينة كلّها ملاكا حارسا.
ولما خرج داود من قلاّيته سجد له كل مواطني تسالونيكية لمّا عاينوا طلّته المهيبة، واقلع برفقة أثنين من تلاميذه إلى القسطنطينية، لمقابلة الأمبراطور،وحين وصوله أستقبلته الأمبراطورة ثيودورة وسألته الصلاة من أجل خلاص الأمبراطورية والمدينة. فلمّا عاد الأمبراطور وعلم بأنّ رجلا لله كان في القصر، جمع مجلس الشيوخ ليسمع له. و أثّر حضور هذا الشيخ الجليل في نفس الأمبراطور إيما تأثير واستجاب طلبته في شأن انتقال الحاكمية إلى تسالونيكية ثمّ أطلقه إلى وطنه بعدما أضفى عليه علامات الرفعة.
لمّا صارت السفينة بمحاذاة منارة تسالونيكية، أعلن داود لتلميذيه أنّ ساعته قد دنت. فبعدما أعطاهما قبلة السلام ورفع إلى ربّه صلاته الأخيرة أسلم نفسه المغبوطة بين يدي الله. رغم الرياح جمدت الباخرة في مكانها وانبعثت من الموضع رائحة بخور عطرة فيما ترددت تراتيل سماوية.وورى الثرى في ديره انسجاما مع رغبته.
الطروبارية
بكَ حُفِظت الصورة باحتراسٍ وثيق أيّها الأب داود لأنّك قد حملت الصليب، فتبعتَ المسيح وعملت وعلّمت أن يُتغاضى عن الجسد لأنّّه يزول ويهتّم بأمور النفس غير المائتة فلذلك أيّها البار تبتهج روحُك مع الملائكة