وُلد القديس أثناسيوس الآثوسي، حوالي العام 930م في تريبيزوند البنطس من والدين نبيلين، وأعطي في المعمودية اسم أبراميوس.
توفي والداه وهو مازال صغيراً فاحتضنته إحدى قريبات والدته. تميز بذكائه وتقدمه السريع في الدرس والتحليل، مما لقت انتباه أقربائه له. ولما بلغ سنّ المراهقة لاحظه موظف ملكي كان قد وفد على المدينة في مهمّة، فمال إليه وأخذه معه إلى القسطنطنيّة، هناك تابع دروسه على يد معلّم مشهور اسمه أثناسيوس وأصبح أستاذاً مساعداً له.
حاول عيش الحياة الرهبانيّة وهو في المدينة من خلال اجتنابه المائدة السخيّة في بيت راعيه. فكان يستبدل طعامه برغيف شعير يأكله مرّة كلّ يومين، وكان لا يتمدّد لينام ويجاهد ضدّ النعاس برشّ وجهه بالماء البارد. ويوزّع ملابسه على الفقراء.
ثمّ فيما بعد قرّر التّرهّب إلى جانب رئيس دير لافرا في تلك الفترة وهو القدّيس ميخائيل ماليينوس. واتّخذ اسم أثناسيوس. حاول الشيخ أن يدّرب تلميذه على حياة الطاعة فغيّر له نمط حياته الرهبانيّة. وبسبب بعض المدائح له، ترك الدير واتّجه إلى جبل آثوس حيث عاش حياة الترهّب والنّسك.
في الفترة الأخيرة من حياته، عاد إلى حياة الشركة في دير لافرا وكان من القدّيسين الذين تمتّعوا بموهبة الأشفية، وقد أجرى العدد الكبير منها في حياته كما بعد رقاده.
مقتطفات من أقوال القديس أثناسيوس الأثوسي حول معرقة الله
إن طريق الحق يقـودنا الى الله الموجود حقا، وحتى نعرف هذا الطريق ونتبعـه، لا نحتـاج الى اي شيء سوى معرفـة نفسنا، وإن كان الله هو فوق الكل مع ذلك فالطريق الذي يقودنا اليه ليس صعبا ولا بعيدا ولا خارجا عنا، ولكنـه فينا وفي داخلنا فيمكننا أن نجد في ذاتنا نقطة الانطلاق اليه، كما قال موسى النبي: “إن كلمة الايمان هي في قلبك”(تثنية الاشتراع 30: 14)
وقال السيد، له المجد: “ملكوت الله في داخلكم” (يوحنا 17: 21) وما دام فينا الايمان وفي قلبنا ملكوت الله، نستطيع بكل سهولة أن نشاهد ونتأمل رب الكون كلمة الآب مخلِّصنا يسوع المسيح.
ليس الوثنيون في حاجة الى حجج لإثبات هذه الحقيقة ولا ينبغي لأحد أن يضل ويدافع عن ضلاله كما لو كان لا يعرف هذا الطريق كلُّنا في الطريق، ولكن كثيرين منا لا يُريدون أن يسيروا فيه، ويبتغون الابتعاد عنه للبحث عن ملذات الدنيا الفانية
واذا قال احد: وما هـو هذا الطـريق؟ أجبتُـه قائلا: انها نفسنـا والروح الموجـود فيها والـروح وحـده هـو الذي يستطيـع أن يشاهد اللـه ويكـوّن لذاتـه فكـرة عنه عزَّ وجلّ.
طروبارية البار أثناسيوس الآثوسي
لقد دهُشَت طغماتُ الملائكة من سيرتِك بالجسد أيّها الدائم الذكر،
كيف أنّك وأنت بالجسد سعيتَ نحوَ المصافّ غيرِ المنظورة وجرحتَ مواكبَ الأبالسة.
فلذلك قد كافأكَ المسيحُ بمواهبَ غنيّة.
فيا أيّها الأب أثناسيوس،
تشفّع إليه في خلاصِ نفوسنِا.