صدر عن مكتب الأمانة العامة البيان الآتي:

mjoa Monday July 5, 2010 182
لما كان راعي أبرشية حلب قد تطرّق، بإسهاب، في رسالته الرعائية لمناسبة عيد القديسين بطرس وبولس، المنشورة على موقع الأبرشية، الى موقفه من حركة الشبيبة الأرثوذكسية والعلاقة معها، يهمّنا أن نوضح، في هذه العُجالة، النقاط التالية بانتظار ما ستحمله رسالتنا القادمة الى المجمع المقدّس والشعب الأرثوذكسي من ردّ مُوسّع ومُفصّل على طروحات صاحب الرسالة وقضايا كنسية أخرى.
أولاً، رغم أن موقف أسقف حلب، الذي صيغ في قالب تعليميّ مُحبّب، يستهدف العمل الحركيّ، بكلّ وجوهه، فإن الحركـة يُفرحهـا أن المطران بولس قد أفرج عن مكنوناته تُجاهها، بصراحة وللمرّة الأولى منذ سنوات، وسطّر، بما لا يقبل الشكّ، الأسباب الحقيقية الكامنة خلف استهداف مركزها في حلب طيلة عشر سنوات من خلال الخطوات والوقائع المُدرجـة في وثيقة “وقائع قضية حلب” التي سيتمّ نشرها لاحقاً، وأظهر أن مُبتغاه، أصلاً، كان استهداف الحركة في الكرسيّ الأنطاكيّ.
ثانياً، لم تشكّ الحركـة يوماً بأن غاية أسقف حلب لطالما كانت ما بيّنته رسالته من استهداف لوحدتها الأنطاكيـة و”حرّيتها المواهبية في الروح والحقّ” والاستحالـة بها مؤسّسة كنسيةً رسميةً تُقيَّد وتُقنّن فيها المواهب والمُبادرات والصوت الكنسيّ الحرّ النابع من روح الحقّ الفاعل فيها وفي كلّ عضوٍ من أعضائها.
ثالثاً، سبق للأمين العام أن أجاب في رسالة سابقة، الى مطران حلب، على ما يوحي به من خلال رسالته حول ضرورة أن تغيّر الحركة هوّيتها وأهدافها وأسلوب عملها تماشياً مع تغيّرات في المؤسّسة الكنسية بالقول: “إن الجهاد ضدّ الخطيئة، الذي تمثّل الحركة سبيلاً من سبله، إنما هو جهاد أبديّ لا ينتهي لأي سبب أو ظرف أو تغيير طالما أن الخطيئة حاضرة”. وهو الردّ الذي لا زال يصلح لتوضيح موقف الحركة مما حملته رسالته الرعوية من طرح، بالأمس، على هذا الصعيد إلا في حال أن الأسقف يعتبر أنه، وسائر المسؤولين الكنسيين، باتوا منزّهين عن الخطأ والخطيئة وأن وضع الكنيسة الأنطاكية بات خالياً من وجوه الضُعف والعثرات. هذا مع التأكيد أن الجهاد الحركيّ ضدّ الخطيئة هو، أولا وأساساً، جهادٌ يقوم به الحركيّون إزاء أنفسهم وما يُلحظ فيها من أخطاء وخطايا.
رابعاً، يبدو أن مطران حلب قد تناسى أن الاسقف في الكنيسة ليس وحده الكنيسة وأن عليه أن يلحظ المواهب عند سائر اعضائها، الذين هم اخوته في المسيح، قبل أن يعمل، لكونهم قاصرين بنظره، على تقنين حريتهم، التي من الروح، من خلال دعوتهم إلى طاعة عمياء خارج المحبة الانجيلية والشركوية التي بدونها لا مجال حقيقي للطاعة. قال أحد كبار آباء الصحراء متوجّهًا الى أخ مُزمع أن يعتلي رتبة الرئاسة قائلاً: “كن لهم أباً قبل أن تكون مُشرّعًا”. وقال أيضاً، وهذا رأي جامع في الارثوذكسية، “أن الطاعة في الكنيسة يجب ان تكون متبادلة وألا ترمز الى التسلّط”. عندما قال البطاركة الارثوذكسيون “أن شعب الله كله يحافظ على الايمان” فهل تُرى كانوا مخطئين إزاء ما نشعر به من توجّه إلى أن يحكم المسؤول الكنسيّ، وحده، بأمر الله وما ننقاد إليه من تقسيم للكنيسة بين معلّمة (الاكليروس) ومتعلّمة (العلمانيين)؟، هذا المفهوم الذي يخالف الرؤية الانجيلية والتقليد الارثوذكسي الأصيل.
خامساً، نعجب أنّه أمام المشاكل الكثيرة التي تتخبط فيها كنيستنا والشطط الكبير، فيها، في مجال الاخلاق والرعاية والعبث بالمقدّسات وغياب السعي الجدّي لبحث تحديات العالم المعاصر ومواجهتها، وفي وقت يقتضي أن تتكرّس الأبرشيات، بكل قواها، والمجمع المقدّس، بكل طاقاته، لمعالجة هذه المشاكل قبل أي شيء اخر، يرى أسقف حلب أن الأهمّ هو البحث في تنظيمات جديدة علّمتنا الخبرة السابقة أن الكثير منها بقي حبرًا على ورق. ويرى، أيضاً، أن المطلوب، في هذا الظرف، هو مضايقة الخروف العامل في الكنيسة، في حرية ابناء الله، وتناسي التسعة والتسعين الآخرين الذين يبتعدون باضطراد عن المؤسسة الكنسية، وخصوصاً منهم الشباب، نتيجة تجاهل الرعاة لهم وما تُسبّبه لهم هذه المؤسّسة من عثرات!
سادساً، كمّ كنّا نتمنّى لو طبّق السادة الأجلاء القوانين الأنطاكية الحديثة، وخاصّة فيما يتعلّق بالتشاور مع أبنائهم في اختيار أعضاء المجالس، على اختلاف تسمياتها، بدل التصرّف الآحادي واللجوء الى فرامانات التسمية.
سابعاً، كمّ كنّا نتمنىّ، أيضاً، لو تجسّدت المحبّة الموحى بها في رسالة الأسقف قبولاً للمُبادرات المتعدّدة للسادة المطارنة والمُخلصين الهادفة الى إيجاد حلّ لهذا الخلاف وعدم إفشالها ورفضها، وعدم منع الكهنة من زيارة الحركيين ورعايتهم ومرافقتهم في الصلوات ورشّ منازلهم بالماء المقدّس، وعدم حجب البركة عن أطفال لم تتجاوز أعمارهم السنوات العشر بحجّة أن اهلهم “خارج الطاعة”. في أيّ حال، وتجاوباً مع ما توحي به رسالة الأسقف من محبّة وحرص، نكرّر طلبنا ورجاءنا اليوم أن يُجسّد الراعي محبّته، أولاً، بقبوله أن يلتقي أبناءه الحركيين في أيّ وقت ومكان يشاء لايجاد حلّ لهذا الخلاف، وهو الأمر المرفوض من قبله منذ سنوات وحتّى اللحظة.
ثامناً، يبدو أن مطران حلب لم يتأكّد، حتى تاريخه، أن الحركيين ليسوا بعاجزين عن تأمين مسكن يأوي محبّـتهم للربّ وكنيسته. فمن لم يوفّر جُهداً ووقتاً ومالاً ودماً في هذا السبيل لا يصعب عليه توفير القليل المطلوب لهذه الغاية. ما يرجوه الحركيّون ويطلبونه، بشدّة ودون مُساومة، هو أن يكتسبوا، أولاً، مكاناً في مسكن الأسقف وقلبه وضميره، والباقي يبقى بسيطاً وبسيطاً جدّاً خاصّةً وأن بيت كلّ منهم هو بيت للربّ.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share