في إحدى القصص الواقعية، حدث أن طلبت إحدى المدرّسات من تلاميذِ فصلِها كتابة نصّ عما يتمنّون أن يكونوا عليه أو ما يحبّون أن يحدث لهم في المستقبل.
في نهاية الدوام المدرسي، جلست المدرّسة في بيتها تراجع ما كتبه طلبتها، حيث لفتت نظرها رسالة بعينها دون غيرها من رسائل الطلاب. وما إن انتهت منها، حتى امتلأت عيونها بالدموع تأثراً بما قرأت. وفي تلك اللحظة دخل زوجها عائداً من عمله وشاهد تأثرها الشديد، فسألها عما أبكاها، فمدَّت يدها له بورقة الإجابة وطلبت منه قراءتها..
فقرأ: «يا إلهي، سأطلب منك الليلة شيئاً خاصاً جداً.. أريدك أن تحولني إلى جهاز تلفزيون، وأن آخذ مكان جهازنا في البيت، وأن أعيش مثله بيننا، وأن يكون لي مكان خاص بي وأن تجتمع عائلتي حولي، وأن أعامل بجدية عندما أتحدث، وأن أكون مركز الاهتمام، وألا أقاطع عندما أسأل، وأن أتلقى العناية نفسها التي يحظى بها التلفزيون عندما لا يعمل لسبب أو لآخر، وأن أتمتع برفقة والدي عندما يعود إلى البيت مساءً، حتى عندما يكون متعباً، وأن تتعلق بي أمي حتى وهي حزينة أو متكدرة، بدلاً من عدم الاهتمام الذي ألقاه الآن.. كما أريد -يا إلهي- من أخي أن يتعارك من أجل أن يكون معي، وأن أشعر بأن عائلتي بين الفترة والأخرى تترك كلَّ شيء فقط لتقضي بعض الوقت معي. وأخيراً أتمنّى أن أجعلهم جميعاً سعداء، وأتمنى ألا أكون قد بالغت في طلبي، فما أريده هو أن أعيش كجهاز التلفزيون».
وما إن انتهى الزوج من قراءة الرسالة، حتى قال متأثراً: «شيءٌ محزن. يا له من طفل حزين، لوالدين تعيسين، ولكني يا حبيبتي لا أجد الأمر يستحق كل هذا الحزن!!»، فردَّت عليه قائلة: «كاتب هذه المقالة هو ابننا»!..
عن جريدة بلدنا العدد 31/07/2010 – وعد زينية
…
ربما ليس بعد زمن طويل سنتذكر بالخير الأيام التي كان فيها أفراد العائلة كلهم يجتمعون معاً لمشاهدة التلفزيون ويقومون بالتشاور فيما بينهم للاتفاق على برنامج واحد، لأنه مع تطوّر الإنترنت والاتصالات سيصبح لكل شخص تلفزيون خاص به يشاهد ما يريده منفرداً وقت يشاء وفي المكان الذي يشاءه.