القديس الرسول لوقا الانجيلي
منذ القرن الثاني للميلاد والاعتقاد السائد ان كاتب الانجيل الثالث وسفر اعمال الرسل واحد وهو لوقا الطبيب (كولوسي 4 :14) معاون بولس الرسول ورفيقه في عدد من أسفاره.
ويقول عنه التراث أنّه من انطاكية، وكتبنا الليتورجيةّ تصفه بأنه “جمال الانطاكيين” (صلاة المساء)، وأنه رأى السيد في عمواس بعد قيامته وآكله، هو وكلاوبا، أحد السبعين، الوارد ذكره مفردا في انجيل لوقا (24 :18). اذن هو أحد التلميذين اللذين دنا منهما السيّد في الطريق الى عمواس وسار معهما. فإذا ما صحّ ذلك يكون اغفال ذكر اسم التلميذ الآخر، غير كلاوبا، مقصوداً، ربما من باب الخفر والاتضاع.
إلى ذلك يذكر الكتّاب المتأخرون أنه كان رسّامًا وينسبون اليه أول ايقونة لوالدة الاله.
اما لقاؤه ببولس الرسول فيبدو أنه كان في مدينة ترواس. وقد رافق الرسول المصطفى في قسم من رحلته التبشيريّة الثانية وفي رحلته الثالثة. ويظهر، كما يذكر تقليد قديم، أنّه اقام في فيليبي فترة من الزمن رافق خلالها تيطس في رحلات تبشيريّة في المدينة والجوار.
مكث لوقا الانجيليّ مع بولس الرسول في قيصريّة فلسطين مدّة عامين قضاها هذا الاخير مسجونًا. كذلك رافقه الى روما وبقي بجانيه هناك ايضاً، في فترة سجنه. ثم بعد استشهاد رسول الأمم يُظن أنّه انتقل الى دالماتيا وغاليا مبشراً بالانجيل. هذا إذا ما أخذنا بشهادة القدّيس أبيفانوس القبرصيّ (315م -403م).
وجّه القديس لوقا انجيله وسفر أعمال الرسل الى رجل أسمه ثاوفيلوس سبق له ان اقتبل الكلمة. وقد أراد لوقا أن يزوّد هذا الرجل الذي يصفه بـ”العزيز”، بالقول الصحيح عن البشارة، ربما لتمكينه من التمييز بين الشهادة الصحيحة والشهادة المزوّرة عن المسيح بعدما أخذت كتابات منحولة طريقها الى التداول.
أما من هو ثاوفيلوس هذا فليس لدينا قول قاطع بشأنه. بعض المصادر يقول أنه كان رجلا ايطالياً شريفاً وبعضها أنه كان حاكم اخائية.
أنّى يكن الأمر، فإن أسلوب القدّيس لوقا وطريقته في نظم الأحداث وعرضها يشيران، في نظر العلماء والدارسين، الى ثقافة يونانية راقية وعقل علمي، فهو أكثر الانجيليين التصاقا بالبشارة كتاريخ. الى ذلك تعتبره صلواتنا الليتورجية، خطيبًا بليغً للكنيسة الموقرة (صلاة السحر).
امّا مزايا إنجيله، فالصورة التي اهتّم بإبرازها عن السيّد هي أنّه المخلّص الإلهيّ للعالم أجمع وطبيب النفوس والاجساد. ولوقا أكثر الانجيليّين ذكراً للربّ يسوع مصليّاً وفي شهادته حثّ على الصلاة المتواصلة. كما يظهر الربّ يسوع في انجيله عطوفاً على النساء والفقراء والأمميّين على نحو مميّز.
لا نعرف تماما لا أين ولا متى رقد القدّيس لوقا، بعض المصادر يقول أنّه بلغ الثمانين من العمر وأنّه رقد في الاسكندرية، ومن هناك نُقل إلى مدينة القسطنطينيّة في القرن الرابع، أيّام الامبراطور قسطنديوس (357 م).