الجمعة من الأسبوع الثاني والعشرين بعد العنصرة
القدّيس أبينا البار أبراميوس وابنة أخيه البارة مريم الرهاويين (+ القرن الرابع الميلاديّ)
ولد القدّيس أبراميوس في بيت من ذوي اليسر بالقرب من مدينة الرها، فيما بين النهرين. كان والداه تقيين نبيلين فأنشأه على التقوى وكرامة الخلق، كما أفسحا له في المجال لتلقي العلوم فحصّل منها قسطًا وافرًا. وإذ رغبا في تقديم ولدهما في مراقي العظمة بين الناس، خطبا له، وهو بعد صغير، فتاة ظنّا أنّها سوف تكون له خير معين في هذا الإتجاه.
وجرى الإحتفال بالعرس، سبعة ايام كاملة، كان أبراميوس خلالها في غير مكان وكأن الأمر لا يعينه. فلمّا حضر اليوم السابع، قام لتوّه وخرج سرًّا من البيت وتوارى. لم يأخذ معه شيئًا سوى زهده، كان يومذاك قد بلغ العشرين. أقام في قلاّية معزولة لا تبعد كثيرًا عن المدينة. هناك أقام في الصلاة سبعة عشر يومًا لم يذق خلالها أي طعام ولا بلّ ريقه بنقطة ماء.
في هذه الأثناء كان والداه يبحثان عنه في كلّ مكان، لم يدعا موضعًا إلا وبحثا فيه عنه، إلى أن بلغاه مغلقًا على نفسه في تلك القلاية، فلمّا رأياه اندهشا من حاله وأدركا أن ولدهما اختار الحياة النسكيّة، فتركاه لسعيه ومضيا، فسدّ أبراميوس الباب على نفسه ولم يترك إلا نافذة صغيرة تصله بالعالم كان القوم يأتونه ببعض الطعام من خلالها، بين وقت وآخر.
لم يطل به المقام حتّى ذاع صيته في تلك الإنحاء، فبدأ الناس يتوافدون عليه. كلّ يخبّر عنه، فيتقاطرون ليتأكّدوا مما سمعوه طالبين منه النصح، سائلينه البركة والدعاء. بعد وفاة والديه تركا له ثروة كبرى فبعث إلى صديق له طلب منه تدبير شؤون تلك الثروة بحيث تعود إلى الفقراء والأيتام وقفًا حتّى نفاذها.
في تلك المرحلة واجهت أسقف المنطقة التي كان أبراميوس ناسكًا فيها مشكلة كبرى إذ أن معظم سكانها كانوا مستغرقين في وثنياتهم، فجاء إليه الأسقف وطلب منه مساعدته في تبشير المنطقة، ترك القدّيس مكان إقامته وبنى كنيسة، غير أن الشعب لم يكن يأتي، وفي يوم دخل إلى هياكل الأوثان وحطّم الأصنام فانقضّ عليه الوثنيون وأشبعوه ضربًا ولكمًا وأخرجوه خارج البلدة، غير أنّه عاد إلى منتصف الليل ودخل الكنيسة وأقام فيها مصليًّا باكيًّا مسترحمًا الله على قساوة قلب هذا الشعب.
بقي القدّيس أبراميوس مدّة ثلاث سنوات يحتمل الاضطهاد والضرب والتعيير وكلّ إساءة يمكن تصوّرها من الوثنيين. وفي يوم كان لا بد لصلواته ودموعه أن تستجاب، لقد نفذت النعمة الإلهيّة إلى قلوب سكان البلدة فاعترفوا بإله أبراميوس إلهًا حقيقيًّا وحيدًا، فعمّدهم وعلّمهم الإنجيل سنة كاملة. ثم في ليلة تركهم وعاد إلى نسكه.
حارب الشيطان أبراميوس بعدما عاد إلى طريقة حياته، حاربه بكلّ الأسلحة الموفورة لديه. هاجمه بأفكار الكبرياء والمجد الباطل. حاول أن يوهمه أنّه قد بلغ من القداسة شأوًاعظيمًا فتكسّرت نصاله على صخرة تواضع القدّيس وصبره. رقد وهو بعمر السبعين بعدما أمضى خمسين سنة في النسك والجهاد.
تذكار القدّيسة البارة الشهيدة نسطاس (انسطاسية) الروميّة (+ القرن الثالث الميلاديّ)
الطروباريات
طروبارية القدّيسة أنسطاسيا
لقد تلألأت بالنسك كعذراء شريفة ودبجت حلة النقاء بدماء الجهاد إلهيًا. لذلك يا أنسطاسيا بما أنك بارة وشهيدة لمعت في العالم بنعمة الشفاء، فأنت تتشفعين إلى المخلص من أجل نفوسنا.
طروبارية القدّيس أبراميوس
لقد ظهرت على الأرض بالجسد مثل ملاكٍ. وصرت بالنسك كنخلةٍ مغروسة على المياه، متمتعاً بالإمساك، وغسلت الدنس بسيول عبراتك، لأجل هذا ظهرت مثمراً بالعجائب يا أبراميوس الإلهي.