القدّيس البار في الشهداء يعقوب وتلميذاه يعقوب الشمّاس وديونيسيوس الراهب (+1520م)
ولد يعقوب في كنف عائلة فقيرة في ناحية كستوريا نشأت على التقوى. تيتّم في سن مبكّرة واضطر إلى العمل كأجير في رعاية الأغنام ليردّ عن نفسه شبح الموت جوعًا. بارك الله سعيه فأصاب في وقت قصير نجاحًا كبيرًا حتّى أصبح من أصحاب الثروات مما أثار حسد أخيه فاتهمه لدى الأتراك بأنّه وقع على كنز في الأرض، فاضطر إلى التواري والتجأ إلى مدينة القسطنطنيّة حيث عاش فقيرًا لبعض الوقت.
تعرّف على أحد البكوات الأتراك الذي مدح الإيمان المسيحي، فقرّر نتيجة ذلك الانصراف إلى الحياة الرهبانيّة فوزّع ماله على الفقراء وسافر إلى جبل آثوس وترهّب هناك، حيث قضى ثلاث سنوات، وتنسك بعدها في موضع خرب حيث قيل أنّه صارع الشيطان ست سنوات متتالية وتمكّن بنعمة الله من التخلّص من الشياطين.
ثم أن الله عزّى قلبه بشاب مجدّ جاء يشاركه الحياة النسكيّة تلميذًا، وكان لا يتناول إلا كسرة من الخبز كلّ يوم، أمّا لياليه فاعتاد قضاءها في الصلاة قوامًا.
حاز بناء لطلب رهبان الجبل المقدّس على إذن يسمح له بقبول الاعترافات مع أنّه لم يكن كاهنًا ورغم أميّته فإنّ قدرته على الإفراز حتّى في القضايا البالغة التعقيد كانت مميّزة. كان ممتلئًا حبًّا لكنّه صارمًا متطلّبًا لا سيما مع الكهنة. كان يعقوب ينتقل من دير إلى دير ينشر تعليمه النورانيّ ويصلح النسّاك المستكبرين مشجعًا المتهاونين ومساعدًا الخجلين من كشف خطاياهم بكشفها لهم وتحريرهم من وطأتها عليهم.
ترك القدّيس الدير والتجأ إلى البرية في الجبل المقدّس لينعم بأطايب الوحدة والسكون لبعض الوقت. جاءه ملاك الربّ يومًا وقدّم إليه ثلاث خبزات سوداء ليأكلها فعرف أن الربّ يدعوه إلى الاستشهاد.
ثم ترك الجبل واتجه إلى الميتيورة الغنية بالأديرة، ذاع صيت عجائبه ومواهبه فأوغر بعض الحساد صدر الأسقف أكاكيوس فوشى به لدى الحاكم التركي فأوفد الجنود وقبض عليه مع اثنين من تلاميذه، يعقوب الشمّاس وديونيسيوس المتوحّد.
استجوب الحاكم القدّيس يعقوب فلم يجد عليه ذنبًا، مع ذلك ألقاه في السجن آملاً منه أن يقدّم مالاً لقاء إفراجه عن الموقوفين، لكن الأمور تعقّدت فتعرّض هو وتلميذاه للتعذيب ثم سيق الثلاثة إلى المشنقة ونفذ فيهم حكم الإعدام بعد ذلك بقليل.