كلمة رئيس مركز اللاذقية بمناسبة افتتاح العمل
بتاريخ 29/10/2010
الآباء الأجلاء.. إخوتي وأحبتي:
كل عام وأنتم بخير.. مع بداية عامٍ حركي جديد.. لا بدّ من وقفة نلقي فيها ضوءاً عمّا مضى.. لنستوحي وإياكم حلماً يُرتجى، علّه يصبح واقعاً نعيشه ونفرح به، وعسانا نشارك جميعاً في صنعه ببركة الرب وسماحه..
انطلقنا في العمل والخدمة العام الماضي ورؤيانا ترنو إلى توأمين مرغوبين ألا وهما النخبوية، والروح الجامعة أي المركزية.
الكل عمل في حقله بهمةٍ وأمانة وحسٍ بالمسؤولية، ومع ذلك، وربما من أجل ذلك علينا التصريح بتواجد عثراتٍ، أحياناً وهنّات أحياناً أخرى، وربما لامسَ بعضنا شيئاً من الإحباط في برهاتٍ نادرة.. كل هذا نقول ونعترف بوجوده.. لكننا نفخر – وفخرنا في تواضعنا – نفخر بتجاوز تلك العثرات وبالنهضة من تلك الهنّات وبالمتابعة بعد ذاك الإحباط.. هذا كلّه حصل بسبب إيماننا ويقيننا أننا بدونه – تعالى – لا نقدر أن نفعل شيئاً.. وأننا به نحن نحيا ونتحرك ونوجد..
اسمحوا لي أن أشرككم بعضاً من ملاحظات، تلمسناها خلال خدمتنا السنة المنصرمة:
لحظنا بعض المواقف والتصرفات التي لا تتماشى والروح الجامعة الموحِّدة، لا نحكم على النوايا وإنما حديثنا على التصرفات، فكان في مكانٍ ما هنا أو هناك بعضٌ من غيرةٍ غير مبررة على أبناءٍ سُميوا أخصّاء ونحن جميعاً نعتبرهم أبناءنا وأحباءنا، ونتعاطى معهم بكل محبةٍ وخدمةٍ وتفانٍ.. لا مكان فيما بيننا لأبناء أخصّاء.. ولا مكان فيما بيننا لمن لا يتعاطى بجديةٍ مع شؤون الرب وكنيسته، وخصوصاً من يجاهر بعدم جديته وهو راضٍ ويعتبره تشاطراً ويقيم من نفسه قيّماً وديّاناً لمن يعمل ويخدم ويقدم..
وهناك من يفهم المسؤولية رتبة افتخارٍ وتمايز.. في حين هي خدمة تمتاز بتطلبها لتضحيات وأتعابٍ وصلوات.. ولا تستقيم إلا إذا كان التواضع أساسها ومبدأها..
وأيضاً يوجد من ينحاز لشللٍ أو جماعاتٍ وكأننا صرنا لبولس أو أبلّس أو لصفا بينما نحن جميعنا للمسيح وبه، أو لا نكون..
وهناك من يتقوّل بكلام مسيءٍ على إخوة يخدمونه وهم لن يقابلوا تصرفه إلا بمحبةٍ وصبرٍ مع ملامةٍ واجبة..
هذه بعضٌ من هواجسنا أعرضها أمامكم وكلي لهفة إلى أيدٍ تروي عطشاً وتمسح عرقاً وتقدم عوناً..
إخوتي لعلّي لا أعلن جديداً عندما أقول بأن الالتزام صنوٌ للفرح، فهو ليس قسراً ولا محدوديةً بل هو انفتاح إرادي لمشيئةٍ إلهية تبارك وتعطي من قبسها ألقاً ليس منا، لكنه فينا ليعبر لإخوتنا من خالقهم وفاديهم..
وهنا علينا أن نقرّ إقراراً مؤلماً أن هناك – عند البعض – تراخياً في التعاطي بالشأن الحركي، وكأن التزامنا صار شعاراً غير قابل للتطبيق الفعلي.. ونتحاجج بأعذارٍ نستطيع تصنيف الكثير منها بأنها واهية إذا ما قورنت بثمين الخسارة التي تنتج عنها وهي التزامنا الحركي، وتعهد مسك المحراث والتمدد إلى الأمام وعدم النظر إلى الوراء..
أيها الأحبة.. كلنا يؤمن أن للطبيعة البشرية ضعفاتٍ ولحياتنا ظروفاً وأسباباً وتلاهٍ.. لكن ذاك المعلم المحبوب الذي دعانا لنعمل في كرمه ونقدم ثماراً تليق بسيد الكرم، هو قال لنا: “ثقوا، إني قد غلبت العالم”.. وهنا دعوني أذكركم بقولٍ بليغ لمؤسس الحركة سيادة المطران جورج خضر يقول فيه: “إذاً لا عمل في الدنيا أية كانت مراميه ومهما سما يقدر أن يفصلنا عن محبة الحركة وخدمتها الإيجابية ببذل أوقاتنا لها”.. الذي استوحاه من قولٍ للرسول بولس في رو 8.. وغير خافٍ ذاك الترابط الوثيق في هذا الاستيحاء بين حب الحركة وحبنا للمسيح ولكنيسته..
فالتزامنا الحركي ليس تزمتاً ولا تعصباً بل هو وفاءٌ بتعهدٍ قدمناه لربنا وإلهنا أن نكون دائماً أبناءً له في كنيسته ومحبين له في إخوته الصغار.. وكارزين به أمام من فداهم على الصليب، وخادمين له في من قام لأجلهم وأقامهم حباً وفداءً..
أيها الآباء والأخوة.. إن جزءاً من التربية محاسبةٌ، والمحاسبة ليست انتقاماً ولا دافعها الغضب وإنما هي محبة ترجو الشفاء للمحبوب ولو بدواءٍ مرٍّ.. فضلته على طعامٍ شهيٍ يُخصب مرضاً قاتلاً..
إن من أحب أبناً أو أخاً لا يُسرف في تقديم الأعذار له في خطئه لأنه بذلك يدفعه إلى التراخي والكسل وحب الذات.. بل عليه أن ينبهه ويوقظه، وقد تكون إحدى صور التنبيه على شكل محاسبةٍ محبةٍ تؤلم المحاسِب قبل المحاسَب، وتؤجّج حب الأول للثاني بشكل بنّاء وبانٍ..
نحن لا نحب ولا نريد أن نُتهم بالقسوة، ولكننا نرفض وبشدة أن نوسم بالتهاون واللامبالاة فيما يخص خدمة الرب وكنيسته، فإننا مؤتمنون على دررٍ لا نرضى لها أن تكون في موضعٍ لا يتناسب وقيمتها أو مكانٍ لا يليق بجسامة ما قُدّم فداءً لها..
في هذا المضمار لا يسعني إلا أن أطلب من جميع الأخوة راجياً ومتمنياً أن يساهموا كلٌّ في مجاله في تعزيز الالتزام والفهم الصحيح للروح الحركية التي لا تتجلّى إلا في عيشنا حياة الكنيسة وأسرارها وطقوسها، وأيضاً حضورنا في خدمتنا مع بعضنا البعض لنقوّي روح المشاركة والتعاضد فيما بيننا.
وأتمنى سماع آراء واقتراحات الجميع فهذه الخدمةُ هي خدمتنا جميعاً وهذا الجهد المبارك متوفرٌ للجميع.
أخيراً لا بدَّ لي من تقديم الشكر، عميق الشكر لكل من عمل وعلّم.. ولكلِّ من قدّم لمن منه التقدمة وله وبه.. أعني إخوتي في مجلس المركز وإخوتي في مجالس الفروع وكل اللجان المركزية والفرعية والمرشدين كافة.. وآبائي وإخوتي في الهيئة العامة..
أختم كلمتي بالتشديد على معرفتنا وإيماننا بأن كل ما يمكن تقديمه إنما هو له مما له نقدمه له.. فليس لنا من فضلٍ في أي تعب بل لنا فرحٌ في التعب والجد، عسانا نُجرح بجراحات حبِّه في إخوته لنكمّل في ذواتنا جراحات المسيح المحيية.
للرب القدوس أن يُحصينا مع خرافِ اليمين رغم أننا عبيدٌ بطالون فنحن ما فعلنا ولم نفعل إلا ما أُمرنا به، وما كان يجب علينا فعله..
سنةً مثمرةً وأتعاباً مفرحة أتمناها لكم
كل عام وأنتم حركيون
الأخ سامي الحاج