القدّيس ناحوم النبي

mjoa Tuesday November 30, 2010 211

nahum هو صاحب النبوءة السابعة، ترتيبا، في سلسلة نبوءات العهد العتيق الأثني عشر الصغيرة. كان من قرية اسمها “القوش” ظنّ بعض الدارسين أنّها في الجليل، فيما ظنّ غيرهم أنّها على بعد ميلين من مدينة الموصل العراقية، شماليها، قريبًا من مدينة نينوى، عاصمة مملكة أشور. كان إنتماؤه إلى سبط شمعون، من أسباط اسرائيل الأثني عشر، ولعلّه، إذا صحّ أنّه ولد في “القوش” العراقيّة، من اليهود المسبيّين.

تنبأ ناحوم على نينوى فأنذر بخرابها. قال في الآية السابعة من الإصحاح الثالث: “ويكون كل من يراك يهرب منك ويقول خربت نينوى، من يرثي لها”. فإذا ما علمنا أن خراب نينوى حصل، حسب المصادر التاريخية. في العام 612 ق.م. على يد الماديين والكلدانيين، يكون ناحوم قد صدّح بنبوءته قبل ذلك بزمن. ثم لما كان السفر يذكر عاصمة مصر القديمة، نو آمون، ويعطي الانطباع أنها قد سقطت منذ بعض الوقت، وهذا حدث، في التاريخ، حوالي العام 663 ق.م. فإن تاريخ كتابة سفر ناحوم بين العامين 663 و612 ق.م.

يذكر أن نينوى هي إيّاها المدينة التي أرسل الرب إليها يونان منذرًا، داعيًا إلى التوبة. يومها استجاب أهل نينوى حسنًا فنادوا بصوم ولبسوا مسوحًا من كبيرهم إلى صغيرهم (يونان 3 ). أمّا اليوم فالحال أختلفت لأن شرور نينوى أستشرت وعظم أستكبارها وأبت أن ترعوى، فقال ناحوم فيها :”ويل لمدينة الدماء. كلّها ملآنة كذبا وخطفا” (3 :1)، “ليس جبر لإنكسارك. جرحك عديم الشفاء … لأنه على من لم يمرّ شرّك على الدوام”   (13:19 ). لهذا السبب  “هأنذا عليك يقول رب الجنود … وأطرح عليك أوساخا وأهينك وأجعلك عبرة … تنفتح لأعدائك أبواب أرضك. تأكل النار مغاليقك” (3 :5، 6، 13 ).

ويأتي الإنذار بخراب نينوى بعدما كان سرجون الأشوري قد أخذ السامرة، عاصمة مملكة اسرائيل، وسبى من سبى من شعبها إلى نينوى حوالي العام 720 ق.م.

إلى ذلك، كان الأشوريون قد أذلوا يهوذا ومرمروها. ويهوذا هي المملكة اليهودية التي كانت عاصمتها أورشليم. وقد سمح الرب الإله بذلك لا إعلاء لشأن أشور بل تأديبا لشعبه على خطاياه بأشور. ولكن لا يبرّىء السيد الرب الظالمين وإن أغضى عنهم إلى حين إتماما لمقاصده. لذا لما حان ميعاد انصاف يهوذا خاطبها هكذا :”أذللتك، لا أذلك بعد. والآن أكسر نيره عنك وأقطع ربطك”(1 :12). وأضاف :”هوذا على الجبال قدما مبشر مناد بالسلام. عيّدي يايهوذا أعيادك، أوفي نذورك فإنه لا يعود يعبر فيك أيضا المهلك. قد أنقرض كله”(1 :15). يذكر أن لأسم النبي دلالته أيضا في هذا الاتجاه فهو يعني المعزّي.

هذا وناحوم شاعر أصيل، أسلوبه صاف لا تعقيد فيه، يمتاز بالإيجاز البليغ وقوة الأوصاف وكثرة الاستعارات وعذوبة الإيقاع. مثال ذلك كلامه على غضب الله.”الرب في الزوبعة وفي العاصف طريقه والسحاب غبار رجليه … الجبال ترجف منه والتلال تذوب والأرض ترفع من وجهه والعالم وكل الساكنين فيه … غيظه ينسكب كالنار والصخور تنهدم منه”(1:3 ،5 -6 ). ومثال ذلك أيضا وصفه لحصار نينوى: “السرو يهتز. تهيج المركبات في الأزقة. تتراكض في الساحات. منظرها كمصابيح. تجري كالبروق”(2 :3 -4). وفي تقدير الدارسين، أن نبوءة ناحوم هي من أجود الأدب العبراني.

من عبر النبوءة أن الرب بطيء الغضب وعظيم القدرة ولكنه لا يبرىء البتة (1 :3). الفجّار لديه يلقون ثمرة أفعالهم. يضرب أخصاّءه متى زاغوا فيسلط عليهم أعداءهم حتى تستقيم قناتهم. وإذ يتوبون يعود إليهم بألطافه ويشملهم بأنعامه. أما مضايقوهم فيكسر شوكتهم ويذلهم لأستكبارهم ويضع لتماديهم في الأذية حدا. كل التاريخ مضبوط بيديه ولا من ينجح ضده طويلا. الله، في نهاية المطاف، هو الغالب ومقاصده تنجح كاملة في أوانها.

 

الطروباريّة

إنّنا معيّدون لتذكار نبيّك ناحوم،

وبه نبتهل إليك يا ربّ، فخلّص نفوسنا

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share