البار أفرآات الفارسي

mjoa Friday January 28, 2011 94

القدّيس أفرآات

all_saintsهو غير أفرآات الحكيم، الكاتب الكنسي المعروف. كتب عنه ثيودوريتوس، أسقف قورش (الفصل 8 من تاريخ أضفياء الله). ولد ونشأ في فارس في كنف والدين وثنيّين. عرف المسيح فآمن به. ترك عائلته وقصد مدينة الرها. اختلى في بيت بجوارها. تفرّغ لحياة النسك والصلاة. انتقل بعدها إلى أنطاكية. كانت الآريوسية تعصف، آنذاك، بأرجاء الكنيسة، لم يكن أفرآات يعرف اللغة اليونانية إلا قليلاً. أخذ يعبِّر عن أفكاره بلغة نصفها فارسي، لكن كانت نعمة الله تؤازره بسيولها الغزيرة. جابه بقوة وفعالية حجج المتفلسفين. تراكض إليه الكبار والصغار، المثقفّون والجهّال، الفقراء والأغنياء. أُخذ الناس بالحكمة والفهم الجاريين من فمه. لم يقبل، في أنطاكية، أن يخدمه أحد. اعتاد أن يستقبل الزوّار عند باب الدار، لم يقبل من الناس عطايا. فقط أحد أصدقائه كان يأتيه بالخبز. ولما تقدّم في السن أخذ يأكل الخضار بعد غروب الشمس.
جاءه أحد الموظفين الكبار بهديّة من بلاد فارس، حلّة جديدة أنيقة، فلم يقبلها ولم يرفضها، بل قال للمعطي: لقد أخذت على عاتقي، يا صاحبي، إلاّ أسكن إلاّ ورفيق واحد، وهو معي منذ ستة عشر عاماً، فهل يجوز لي أن أقبل آخر لمجرد أنه مواطني وأتخلى عن الأول؟ إني في حيرة من أمري. ماذا تراني أعمل؟ فأجاب الضيف: ليس حسناً أن تصرف من خدمك كل هذه المدّة وتتخذ لنفسك من لم تختبره لمجرد أنه من وطنك! فأجابه أفرآات: وأنت قلت! سأعمل بنصيحتك. فاسمح لي ألا أقبل هذه الحلّة من يدك لأني أفضّل أن أحافظ على ثوبي العتيق الذي خدمني كل هذه السنين!
في تلك الأيام، تولى فالنس قيصر الحكم، وكان آريوسياً، فترك أفرآات السكينة جانباً وانضم إلى صفوف المجاهدين من أجل الإيمان القويم. سلاحه كان سيرة حياته وكلامه وعجائبه. فالنس كان يعرف أفرآات لأنه اشتهر، فرآه مرة يسير على شاطئ النهر فسأله: إلى أين أنت ذاهب؟ فأجاب: لأصلّي لأجل المسكونة ولأجل ملكك! فقال له: ولكنك ناذر الحياة النسكية فكيف تترك منسكك وتذهب إلى الساحة العامة؟ فأجابه أفرآات بمثل: قل لي، أيها الملك، لو كنتُ فتاة محصّنة في بيتها وشاهدتُ إنساناً يلقي النار في بيت أبي، أأبقى في موضعي وأترك البيت تأكله النيران وانتظر أن تأتي عليّ، أم أسرع صعوداً ونزولاً لأخمد الحريق؟! لا تلمني، أيها الملك، إذا رأيتني أعمل الشيء نفسه، لُمْ نفسك بالأحرى لأنك وضعت النار في بيت الله! وقد أورد ثيودوريتوس أن فالنس لم يجرؤ على إرسال أفرآات إلى المنفى كما فعل بكثيرين لأنه خاف منه، لا سيما بعدما قضى أحد خصيان الملك الثائرين على أفرآات حرقاً بالماء المغلي، وبعدما شفى القدّيس حصان الملك إثر مرض ألمّ به. وقد ذكر ثيودوريتوس أنه عرف القدّيس حين كان فتى ونال بركته.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share