كان كيرس مسيحيا تقيا في الإسكندرية يزاول مهنة الطب ويشفي النفوس موجها إياها صوب المسيح. لم يكن كيرس ليركن لعلم الطب والأدوية بقدر ما كان يهتم بشفاء الأجساد بوساطة الصلاة وإحياء النفوس التائهة في غياهب الوثنية بكلمة الله. وإذ وشى به وثنيّون لدى حاكم المدينة، تمكن من الفرار ولجأ إلى أطراف العربية حيث اشتهر بأشفيته بمجرّد رسم إشارة الصليب على المرضى. وبلغ صيت كيرس بلاد الرها فسمع بخبره جندي يدعى يوحنا فترك الجندية وخرج لينضّم إليه، وأصبح تلميذا ومساعدا له. وسلك الإثنان كأخوين في الفضيلة وصنع العجائب.
علم الرفيقان ان سيريانوس الحاكم قبض، في كانوبي، على امرأة تدعى أثناسية وبناتها الثلاث ثيوكتيسته وثيودوته وأفدوكسيه اللواتي تتراوح أعمارهن بين الحادية عشرة والخامسة عشرة. فخاف القدّيسان، على النساء الأربع ان يخرن تحت التعذيب فقررا التوجه إلى كانوبي لتشديدهن وتثبيتهن. وإذ تمكّنا من اختراق السجن حيث كن موقوفات افتضح أمرهما وقبض عليهما واستيقا إلى أمام سيريانوس. فقرّر الحاكم، بعد الأستجواب، إخضاع الرفيقين للتعذيب أملا في حمل النسوة الأربع على التراجع امام المنظر. فلما أخذ في فعلته أبديا من الشجاعة والصمود ما ثبّت النسوة. إذ ذاك أخضعهن الحاكم للتعذيب، هنّ أيضا، فتبيّن له أنه أخطأ التقدير لأن الأربعة كنّ راسخات وثبتن على الإيمان ككيرس ويوحنا، فخاب ظنّه وأعطى الأمر بقطع رؤوس أتقياء وأودعوها كنيسة القدّيس مرقص في الإسكندرية.
ولما أراد القدّيس كيرللس الإسكندري، في القرن الخامس الميلادي القضاء على العبادة الوثنية في معبد إيزيس في كانوبي، التي دعيت فيما بعد أبا كير ثم أبوقير تيمنا بالقدّيس، نقل إلى هناك رفات كيرس ويوحنا اللذين جرى بهما جمّ من العجائب والأشفية. وقد تحوّل المكان، مع الأيام، إلى محجّة يقصدها المؤمنون من كل أقطار المسكونة. كما ورد ان عيني القدّيس صفرونيوس الأورشليمي شفيتا من داء ألمّ بهما إثر تدخّل القدّيسين. كيرس رسم على الواحدة إشارة الصليب ويوحنا قبّل الثانية. وكعربون امتنان لهما اهتّم القدّيس صفرونيوس بتسجيل اخبار عجائبهما في رسالة طويلة.
الطروبارية
أيها القديسان الماقتا الفضة والصانعا العجائب افتقدا أمراضنا مجانا أخذتم فمجانا اعطيانا.