القدّيس البار أفكسنديوس السوري (القرن 5 م)

mjoa Sunday February 13, 2011 181

البار أفكسنديوس السوريّ (القرن 5 م)

auxentius-bithynia

اصل القدّيس أفكسنديوس فارسي،وكان والده قد استقر في سوريا بعدما هاجر فارس إثر هجمة شابور على المسيحيين. ونشأ أفكسنديوس على محبة الفضيلة والعلوم، وإذ رغب في الإنضمام إلى العسكرية ألحق بفرقة الحرس الملكية الرابعة وقد لاحظه الأمبراطور وأحبّه.وكان تقيا، غيورا على زملائه، عليما بما هوعالمي وكنسي، وديعا.

حرص أفكسنديوس، على الإلتصاق بذوي التقى. من الذين تردّد عليهم بتواتر متوحّد.واعتزل قدّيسنا في جبل أوكسيا في بيثينيا. وكان يعتلي لصلاته، صخرة ويرفع ذراعيه وعينيه إلى فوق بحرّية ورحابة صدر.
ألتقاه بعض الرعيان، ولما عاينوه ظنوّه شبحا، وفروّا منه. لكنه ناداهم وهدأ من روعهم وأشار إلى المكان الذي يجدون فيه قطعانهم.فأخبروا ذويهم على ما كان من امر أفكسنديوس معهم فخرجوا إليه تبركا. وبنوا له هناك قلاية صغيرة لها شباك صغير يطل منه على نور الشمس وعلى قاصديه.

ذاع صيت القدّيس وقصده الناس من كل صوب يرومون بركته والتأدب بكلمة الله من فمه، وجرت عجائب جمّة على يديه هناك. وفي طريقه إلى الأمبراطور مرقيانوس، أخرج الشياطين من العديدين الذين التقوه. وإذ تداعى المزارعون يبكون لفراقه طرد الأرواح الخبيثة من بهائمهم. وكذلك تبعه الفقراء الذين كان يعيلهم من أموال الخيّرين وأكد لهم أنه باق معهم في الروح ولو فارقهم بالجسد. وصل إلى قصر الأمبراطور، الذي بعث به إلى الكنيسة العظمى لمواجهة البطريرك القسطنطيني الذي تلا عليه ما أقره الآباء فاستصوبه وبارك لأنه في خط المجمع النيقاوي ولا بدعة فيه. وصار كاهنا في جبل سيوبي القريب من خلقيدونية. وهذا هو الجبل الذي عرف فيما بعد باسم القدّيس وشعت منه فضائله وعجائبه.

وقد اعتاد استقبال زائريه برحابة ولطافة كبيرين صغارا وكبارا، أغنياء وفقراء، أبرارا وخطأة. محبة يسوع كانت فيه وسعه، وكانوا يأتون إليه من كل صوب. كان يحب الصلاة والجموع والقراءة عليها. وقد وضع العديد من الأناشيد ولقنّها إياها.
رقد رجل الله في الرابع عشر من شباط، ويبدو ان وفاته كانت بين سنة وفاة القدّيس سمعان العمودي في 459 م وسنة وفاة لاون الأمبراطور قي 474 م.يذكر أنه صار أرشمندريتا مما يدل أنه أنشأ ديرا رجليا حول مغارته.

 

مارون النّاسك (القرن 4 م)

st_maron

لا يذكر ثيوذوريطس في أيّ بقعة جغرافيّة من سورية تنسّك مارون، فهو يقول إنّ القدّيس “الذي كان زينةً في جوقة القدّيسين الإلهيّين، اتّخذ له رابية كانت في الماضي كريمة لدى قوم من الكافرين، حيث كان هيكلٌ للشياطين، فحوّل ما فيه إلى عبادة الله، ثمّ ابتنى لنفسه صومعة حقيرة يلجأ إليها”. ويذكر كاتب سيرته أنّه كان يتمتّع بموهبة الأشفية حتّى ذاع صيته في كلّ مكان، فكان يستثمر هذه الموهبة لإرشاد الآتين إليه للشفاء إلى التعليم الحقّ. وكان لا يكتفي بشفاء عاهات الجسد فحسب، بل كان أيضاً يأتي للنفوس بالعلاج المفيد، شافياً “هذا من داء البخل، وذاك من الغضب، مانحاً هذا التعليم المؤدّي إلى الحكمة، وواضعاً لذاك الإرشادات إلى الفضيلة، مروّضاً ميوعة هذا، ومنعشاً ذاك من كسله”. توفاه الله بعد أن انتابه مرضٌ بسيط أودى بحياته، ويقال إنّ نزاعاً شديداً قام بين القرى المجاورة رغبة من كلّ منها بالاستئثار بجسده.

وصلتنا ضمن التراث الآبائيّ رسالةٌ بعثها القدّيس الأنطاكيّ العظيم يوحنا الذهبي الفم إلى القدّيس البارّ مارون الناسك، يذكّره فيها بالصداقة القديمة ويوصيه بأن يصلّي لأجله. فيقول يوحنّا في هذه الرسالة التي دوِّنت على الأرجح بين عامي 404 و405: “إنّنا لمرتبطون معك برباط المحبّة. حتّى ولو كنّا بعيدين بالجسد نواصل التفكير بما يختصّ بنشاطك، فيزداد اطمئناننا ونحصل على الكثير من التعزية ونحن هنا في المنفى، لأنّه ليس بالقليل السرورُ الذي يحلّ بنا لدى سماعنا أخبار سلامتك. وقبل كلّ شيء نطلب إليك أن تصلّي لأجلنا”. غير اننا لا نستطيع ان نجزم ان مَن أُرسلت اليه الرسالة هو ذاته مارون الناسك هذا.

لم يكتفِ قدّيسنا مارون البارّ بالأعمال الزهديّة والتقشّفيّة، كالأصوام والصلوات الدائمة والسهر في ذكر الله وإطالة السجود وتلاوة الكتاب المقدّس والتأمّل، بل انصرف أيضاً إلى العمل في الأرض ووعظ الزوّار وإرشادهم وتعزية الحزانى… فيقول ثيوذوريطس: “لم يكتفِ مارون بممارسة الأتعاب الشاقّة، بل كان يفطن أيضاً لجذب الكثيرين إلى المزيد من أعمال الفلسفة. وكان الذي يكافئ على الأتعاب (أي الله) يغمره بالنعمة”. القدّيس مارون قدّيس لا ينحصر في أمّة أو في كنيسة أو في بقعة محدّدة من بقاع الأرض، إنّه قدّيس الكنيسة الجامعة، قدّيس الكنيسة كلّها.

إذا كان القدّيس مارون أرثوذكسيّ الهويّة والانتماء، وتوفي أرثوذكسيّاً، فمَن أنشأ الكنيسة المارونيّة؟ وكيف نشأت؟ الثابت الأكيد أنّ قدّيسنا مارون قد توفّي قبل نشوء الكنيسة المارونيّة. أمّا تسمية الكنيسة المارونيّة فتعود إلى دير القدّيس مارون الذي بناه أتباع القدّيس مارون وتلاميذه في منطقة أفامية (المعروفة اليوم باسم باسم قلعة المضيق) القريبة من حماه في سورية على ضفاف نهر العاصي. إنّ القليل الذي يمكن تأكيده عن تاريخ الموارنة في السنين الأولى لولادة كنيستهم هو أنّ يوحنّا مارون، بطريركهم الأوّل الذي توفّي عام 707، هو الذي أنشأ تنظيماً كنسيّاً خاصّاً بهم منفصلاً عن الكنيسة الأرثوذكسيّة. وهذا يعني أنّ الكنيسة المارونية لم تعرف تنظيماً مستقلاًّ إلاّ بعد وفاة القدّيس مارون بحوالى ثلاثمائة سنة. فيكون أنّ النسبة المارونيّة تعود إلى الدير لا إلى القدّيس.

وبما أنّ بعض الالتباسات تعترض الأصل التاريخيّ للكنيسة المارونيّة ومراحل انتشارها الأولى، فإنّ إيمانها العقائديّ كان أيضاً عرضة للجدل خلال فترة طويلة من حياتها. فقد نُسب إليها الإيمان ببدعة المشيئة الواحدة في السيّد المسيح، التي حاربتها الكنيسة في القرن السابع الميلاديّ، وأكدّت في المجمع المسكوني السادس المنعقد في القسطنطينيّة عام 681 أنّ للمسيح مشيئتين، إلهيّة وإنسانيّة. وممّا يعزّز هذه الفرضيّة أنّ الإمبراطور هرقل (610-641)، الذي دعم أصحاب المشيئة الواحدة، كان على علاقة طيّبة بدير مار مارون ف”يقف له الأوقاف الكثيرة”، على ما أورد سعيد بن البطريق في تاريخه. ومع مجيء الصليبيّين إلى الشرق في حملاتهم الشهيرة عند نهاية القرن الحادي عشر، اتّصل الموارنة بكنيسة رومة التي قبلت عودتهم إلى الإيمان الكاثوليكيّ. وهكذا تكون الكنيسة المارونيّة أوّل كنيسة تتّحد برومه بعد الانشقاق الكبير بين الكنيستين الشرقيّة الأرثوذكسيّة والغربيّة الكاثوليكيّة.

 

 

الطروبارية

ظهرت في البرية مستوطناً وبالجسم ملاكاً وللعجائب صانعاً وبالاصوام والاسهار والصلوات تقبّلت المواهب السماوية فأنت تشفي السقماء ونفوس المبادرين إليك بايمان يا أبانا المتوشح بالله أففكسنديوس،
فالمجد لمن وهبك القوة المجد لمن توّجك المجد للفاعل بك الأشفية للجميع.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share