عطلٌ، وهدايا، طعام، وأصدقاء وركض…
لكن، في السطورِ التالية، ستجدُ طريقةً مختلفةً كثيرًا للتهيئةِ لعيدِ الميلاد. ستقرأُ عن المعنى الفريدِ لهذا العيد، لا بل بالضبطِ عن سببِ هذه الأهمِّيَّةِ بالعلاقةِ مع المستوى الروحيِّ العصريِّ الذي نحنُ عليه.
ستقرأُ عن أمورٍ أُخرى، لسوءِ الحظّ، فُقِدَ منها الكثير.
؟« عيدٌ كبير » قبلَ كلِّ شيءٍ، ماذا يعني
يعني أنَّه في هذا اليومِ تكونُ نعمةُ اللهِ أعظمَ بكثيرٍ من أيِّ يومٍ آخر. لذلك، يجبُ أنْ يكونَ هذا اليومُ عطلةً لنستغلَّ وقتَنا في الصلاة، وفي المطالعةِ الروحيَّةِ واهتماماتٍ أُخرى تجعلُ الإنسانَ أقربَ إلى الله. على كلِّ واحدٍ أنْ يعرفَ أنَّ النفسَ البشريَّةَ تربحُ كثيراً من جرَّاءِ خبرتِها مع اللهِ الحيِّ ليسَ فقط في هذا النهار، بل لفترةٍ زمنيَّةٍ طويلة، وإذا وجدَتِ النعمةُ الإلهيَّةُ نفسًا مستعدَّة، إذَّاك، تستطيعُ الخبرةُ أنْ تكونَ حجرَ الزاويةِ لحياةٍ بكاملِها. وطبعًا الشيطانُ لا يريدُ هذا.
لهذا السبب، وبشكلٍ خاصٍّ قبلَ الأعيادِ الكبرى، يجلبُ لنا الشرِّيرُ تجاربَ ومشاكلَ كثيرةً لكي يجعلَنا نعيِّدُ بحزن. هذه استراتجيَّتُه، ولكنْ يجبُ علينا أنْ لا نجزعَ ولا نعتبرَها سطحيَّة. إذا كنَّا نعرفُ ونؤمنُ أنَّ اللهَ حيٌّ، عندئذٍ نؤمنُ أيضًا أنَّ الشيطانَ حيٌّ ويحاولُ أنْ يعيقَنا. لهذا، من الضرورةِ بمكان، في هذه الأيَّامِ المباركة، أنْ نكونَ حذرينَ جدًّا، ونتذكَّرَ أنَّ أكثرَ من ٩٥ بالمائةِ من التجاربِ هي في الواقعِ سوءُ فهم. فإذا هبَّتِ النارُّ في الهشيم، حاولوا فيما بعدُ أنْ تُطفئوها (الصبرُ والمحبَّةُ هما أفضلُ شيءٍ للإطفاء) ولا تسكبوا عليها وقودًا.
كنتيجة، يجبُ أنْ يكونَ معلومًا عندَنا، أنَّ هناكَ مرحلةً ثانيةً بعدَ العيد. وفي هذهِ الفترة، مِنَ النادرِ جدًّا أنْ تظهرَ موجةٌ مماثلة، حتَّى إنَّ كلَّ ما اكتسبناهُ في يومِ النعمةِ يتحوَّلُ إلى اضطرابٍ وغضب.
دعُونا لا ننجرفُ ونغرق.
لنرجعْ إلى التهيئة.
بما أنَّنا صُمْنا كلَّ أيَّامِ الصيامِ (نأملُ هذا)، فالجسدُ يطيعُ الروحَ بسهولةٍ فائقةٍ ويصيرُ العقلُ نقيًّا.
هكذا، تستطيعُ الروحُ، بكلِّ سهولة، أنْ تلِجَ معاني العيدِ العميقةَ وتُدركَ أكثرَ محبَّةَ اللهِ ونعمتَه. لذلكَ هي فرصةٌ رائعةٌ لكي نطلبَ منَ اللهِ أنْ يجعلَنا مستحقِّين أنْ نحصلَ عليهِ بالفعلِ في مذودِ نفسِنا.
ليسَ ميلادُ السيِّدِ مجرَّدَ ذكرى. فهو حدثٌ واقعيٌّ يحصلُ في الوقتِ الحاضرِ وهو (الميلاد) قويٌّ ويجبُ على كلِّ واحدٍ أنْ يعيشَهُ بطريقةٍ دقيقةٍ جدًّا.
المسيحُ يولدُ فمجدوه! هذه كلماتٌ لم يكتبْها شخصٌ بسيطٌ مجهولُ الاسم، بل القدِّيسُ غريغوريوس اللاهوتيّ. وقد رتَّبَ القدِّيسُ يوحنَّا الدمشقيُّ القانونَ كلَّهُ ولحنَّه. بعبارةٍ أُخرى، وضعَ القانونَ قدِّيسانِ في «… المسيحُ يولدُ » عظيمانِ جدًّا في كنيستِنا، وهما يتميَّزانِ في دقَّةِ لاهوتِهما وسموِّه. هكذا، نقولُ الزمنِ الحاضر، لأنَّ الأمرَ هكذا. وهذا ليسَ حدثًا تاريخيًّا حصلَ في الماضي، بل واقعًا روحيًّا. ولكنْ لا أحدَ يستطيعُ أنْ يعيشَ هذا الحدثَ إلَّا إذا كانَ يُطبِّقُ وصايا الله. ووصايا اللهِ لها بالفعلِ هذا الهدفُ عينُه: وحدةُ الإنسانِ مع الله. فاللهُ صارَ إنسانًا ليجعلَ الإنسانَ إلهًا.
من المؤسفِ أنْ نُضيِّعَ الفرصة.
ميلاد مجيد!