الإنجيل – لوقا 19 (حدث توبة زكا رئيس العشارين) – يضعنا بقوة أمام مفاعيل اختبار الإله اختباراً حقيقياً أي أمام تحول الإنسان، الذي أنهكته الخطيئة والمتغرب عن الله، تحولاً حقيقياً إلى الإنسان القريب من الله والعائش في فرح هذا القرب.
إن الصعود إلى الجميزة الذي قام به زكا القصير القامة ليرى يسوع هو صورة الارتقاء الروحي الذي يختبره الإنسان بعد جهاد روحي. زكا بعد أن ارتقى (روحياً) شاهد الإله ثم صافحه ومكثا سوية في بيته. بعد ذلك تم إعلان الله أن الخلاص حصل لهذا البيت.
روح زكا شبعت خطيئة واكتشفت واقتنعت أن الخطيئة بئر عميق لا قرار له. لطالما قال زكا في نفسه: “كفى. كفى. يجب أن أخرج من دوامة الشر هذه… لكن كيف؟…” يسمع عن يسوع… فجأة يعرف أنه سيجتاز بالقرب منه… الإله يأتي عند زكا… صحيح… لكن هذا عليه أيضاً أن يفعل شيئاً ما… أن يصعد… أن يجاهد… ليراه. قال لنفسه: يكفي أن أراه… كما قالت النازفة في مكان آخر: يكفي أن ألمس ثوبه… كما لو أن إيمان هذا أقوى من إيمان تلك!… النور الخارج من الرب يلامس روح الذي سيتوب… شعر يسوع – كما مع النازفة – أن ثمة من يريد أن يتوب، من يراه… لكن يجب أن يراه الجميع. يجب أن تُعلَنَ توبته (أمام الكنيسة)… “تعال يا زكا. إنزل. اليوم أنا معك في بيتك” قال الرب. “يا للفرح! إنه رآني. إنه يشعر بي” تمتم زكا. “ماذا يحصل؟ الإله يفتقدني أنا الخاطئ… المجد لله”. ينزل زكا فرحاً… لا بد أنه عانق الإله من فرحه… أو سجد له… ودخلا المنزل… بعد ذلك، صار زكا رئيساً على القديسين… قدم كل ما عنده للفقراء… لم ييق له شيء… سوى هذا الكنز الإلهي الهائل… إرتاحت روحه… الآن أطلق عبدك أيها السيد بسلام…
الأرواح الخاطئة تشتاق أن تعاين مسيحاً يجتاز أمامها. ثمة زكا كثر (مسيحيون وغير) يشتاقون أن يروا الإله فينا نحن المسيحيين، في أعيننا وعلى وجوهنا…
حضارات اليوم زكا جديد. فشلت الحضارات. إنها تستنزف نفسها. خطاياها تعتصرها. المسيحية تجتاز كل حين بهذه الحضارات… علَّ هذه الحضارات ترتقي… لترى المسيحية… حينها يحصل الخلاص. آمين.
الأب د. يوحنا اللاطي
راعي كنيسة القديسين بطرس وبولس – الشام الجديدة