“أمل مشترك” لمسلمين ومسحيين في مداولة أوجبها “الربيع العربي.”

mjoa Saturday February 11, 2012 185

الأب روحانا لـ”النهار”: نبني دول القانون انطلاقا من الكرامة الإنسانية.

كان الهمّ المسيحي – الاسلامي مشتركا، ومقتضاه ان ثمة ضرورة “للسعي الى بناء مجتمعات تعددية قائمة على الكرامة الانسانية التي تستمد قوتها من الايمان بالله الواحد، خالق الجميع”. عندما توافق مسيحيون ومسلمون اخيرا على هذا السعي، كان الامر خطوة اولى ناجحة في ورشة عمل مشتركة تعد بخطوات مستقبلية لاحقة.

“نحن في بداية الطريق”، يقول الامين العام لمجلس كنائس الشرق الاوسط الاب بولس روحانا لـ “النهار”. والطريق واضحة المعالم في عينيه: “انطلاقا من الكرامة الانسانية الواحدة التي تجمعنا، مسيحيين ومسلمين، ومن المساواة الانسانية، علينا العمل على بناء دول القانون في المنطقة العربية”.

“الربيع العربي” وانعكاساته على المسيحيين والمسلمين، نماذج المواطنة في العالم العربي، والعمل المشترك بين المسيحيين والمسلمين لتحقيق الحرية والعدالة في مجتمعاتهم العربية، عناوين اثارتها “المداولة المسيحية – الإسلامية حول الحضور المسيحي والشهادة في العالم العربي” التي استضافتها كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا – انطلياس (24-27 ك2)، بدعوة من مجلس الكنائس العالمي، وبالتعاون مع مجلس كنائس الشرق الاوسط. وشارك فيها نحو 50 شخصا، بينهم رجال دين مسيحيون، ومفكرون مسلمون ومسيحيون، وممثلون شبابيون.

الفكرة التي تستحوذ على روحانا هي “ان المسيحيين والمسلمين ليسوا حزبين سياسيين متقابلين. فهم قبل كل شيء شهود لانسانية جديدة في ضوء ايمانهم المشترك بالإله الواحد، خالق الجميع، وان اتخذ هذا الايمان اشكالا وتعابير مختلفة بينهم”. ولا تشكل مطالبة البعض بأن تعلن الكنيسة موقفا من هذا او ذاك سوى “نهج خاطئ”، على ما يرى، بما يستوجب التوضيح. ويقول: “الكنيسة ليست حزبا، بل جماعة ومؤسسة، وبالتالي لا يمكن ان تكون مع ذاك النظام او ضده. لديها مرجعيتها الانجيلية وتعاليم تشكل مخزونا انسانيا وروحيا كبيرا يمكّنها، في عودتها اليه بصفاء، من طرح نظرة اجتماعية الى التعاون مع المسلمين او غيرهم، وتقريب وجهات النظر”.

ويتدارك: “المسلمون ايضا، اذا عرفوا ان يرجعوا الى مصادرهم الدينية، لا يطرحون انفسهم نهجا سياسيا فقط تجاه المسيحيين. واذا طرح المسيحيون والمسلمون انفسهم نهجين سياسيين، يصبح الصراع قائما بينهم”.
الحوار الذي شهدته المداولة طوال اربعة ايام كان “مواجهة آنية ومباشرة، انطلاقا من اهتمام مشترك بالواقع العربي المستجد، وتعبيرا شفويا اكثر مما كان ارتكازا على نصوص مكتوبة”. ويقول روحانا: “نعم، حققت المداولة هدفها، لانها سمحت للمتداولين بالتعبير عن آرائهم. وهذا امر جيد”.

وفي الحصيلة، توافق المتداولون على “تنامي الامل المشترك في الوصول الى واقع جديد تبنى فيه المجتمعات العربية على الكرامة الانسانية التي هي اساس العيش المشترك والتنوع واحترام الآخر بغيريته، وعلى دعم الحركات الشعبية السلمية التي تطالب بالديموقراطية والحريات ومساعدتها في تحقيق القيم التي دعت اليها، كالمساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة…”.

وحيال كل ما تم البحث فيه، يبدي روحانا ثقة كبيرة “بان الكنائس مجتمعة قادرة على طرح حل مجتمعي”. بالنسبة اليه، “يمثل مجلس كنائس الشرق الاوسط البيت الجامع للمسيحيين. لقد ارادوه كذلك منذ تأسيسه عام 1974. وعندما يكون بيتا جامعا، فانه يعنى بكل الشؤون الجامعة. واعتقد ان علاقة الكنائس بالمجتمع مسألة جامعة للمسيحيين. وبدلا من الذهاب الى المجتمع متفرقين، اي ان تكون كل كنيسة على حدة، لا بد من ان نتوافق، انطلاقا من تعاليمنا الروحية، على رؤية سياسية واجتماعية نتحاور من خلالها مع اخواننا المسلمين. الغاية إذاً من المجلس، في دخوله مداولة مماثلة، هو تأكيد البعد الجامع للمسيحيين، خصوصا في الامور التي تعنيهم جميعا”.  بعد ايام على انتهاء المداولة، يبدي روحانا ثقة بأن “نداء المسيحيين وصل الى المسلمين”، ومتابعة المسيرة مع المسلمين في صدارة اجندته. “نحضر لعقد مؤتمر كبير معهم في لبنان في كانون الاول 2012، يكون متابعة للمداولة الاولى”، يفيد. وغموض بعض الامور و”الربيع العربي اليانع” وغيرها من الامور “تتطلب مزيدا من الصراحة والحوار بيننا”.

من كل هذه الحركة، يأمل روحانا في “التوصل الى تصور شبه مشترك في الامور الضرورية الاساسية. ولا بد من الاتفاق على امور ضرورية للعيش المشترك لتنظيم الشأن العام”. ومن هذه الامور، ما يسميه “المساواة في المواطنة التي يجب الا يكون فيها اي لبس”. ويقول: “ان يكون الدين عامل تمايز بين المواطنين امر مرفوض، ايا تكن جهته. نريد ان نتجاوز التمايز بين الناس على اساس ديني. واذا كنا ابناء الدين، علينا ان ننطلق من الكرامة الانسانية المشتركة التي هي العامل الجامع…”. 

المحاذير الماثلة في الطريق “كثيرة”، ويدركها جيدا روحانا. “هناك نضال، وتغيير ذهنية يجب تحقيقهما”. وما يدعو اليه المسيحيون والمسلمون هو “معركة مشتركة، ولنلتق في الانسان، لانه على صورة الله. واذا لم نلتق فيه، لا نكون فهمنا عمق الدعوة الدينية التي ائتمنّا عليها”.

حديث الأب روحانا إلى “النهار” مع هالة حمصي – 2012-02-04

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share