الفكر الأرثوذكسي الصحيح لا ينظر الى الناس كأرقام أو أفراد في قطيع

mjoa Wednesday March 21, 2012 162

من هذا المنطلق، إستضافت “البيان” كلاً من الأمين العام السابق لحركة الشبيبة الأرثوذكسية الأستاذ رينيه أنطون والأستاذة الجامعية الدكتورة إسبرنس دبس لوقا، في لقاء توضيحي حول ما جاء في نص البيان الموقَّع من قبلهما الى جانب كوكبة كبيرة من الشخصيات الأرثوذكسية الناشطة في الشأن العام.

antounخلاص لبنان هو النظام المدني يشرح الأستاذ رينيه أنطوان خلال لقائنا معه أن المجموعة التي وقّعت على هذا البيان تنتمي بمعظمها الى شبيبة الحركة الأرثوذكسية. وهم من مختلف مناطق لبنان ومنها الشمال.” ويتابع: “إن طرح الموضوع الطائفي في البلد بهذا الشكل الفاضح واحتلاله لمساحة كبيرة في الإعلام ولفترة طويلة، وتسمية المشروع الإنتخابي تحديداً بالمشروع الأرثوذكسي، وما تبعه من تحركات وتفاعل، قد أثار ضميرنا لأنه يناقض كل الأسس الوطنية والإيمانية التي تربّينا عليها. فنحن قد تفتّحت عقولنا وقلوبنا على أفكار كوستي بندلي وجورج خضر. وقد حان الوقت لأن يقف أحدهم وأن يقول في وجه هذا الطرح الطائفي إنه غير موافق. فهذا الطرح يتناقض مع فكر الإنجيل. فالمسيحية لا تعرف سلطة غير الخدمة التي من خلالها ينقل المسيحيون محبة الله الى العالم ليتعرّف إليه، ويصير أكثر حرية وعدالة إجتماعية. لهذا وجب أن نوضح أنه لا يوجد أي فكر سياسي يتحكم في مسيرة مطالبنا. فنحن نرى أنه في حال وجود أي نظام يمكن أن يخدم مصلحة المسيحيين عامة، فسيكون النظام المدني الذي يتساوى فيه كل المواطنين بواجباتهم وحقوقهم.”

نحن ضد كل ما يكرّس الطائفية في لبنان ويضيف: “نحن ضد كل ما يكرس الطائفية في البلد. فنحن من الإتجاه المعاكس والقائل بأن خلاص لبنان من أزماته و مشاكله ومآسيه هو بالتوجه نحو النظام المدني وليس بإتجاه النظام الطائفي. وما يقلقنا كثيراً أن تتورط الطائفة الأرثوذكسية وأن تنغمس في حالة الطائفية والتقوقع. ففي عز أيام الحرب الأهلية، صدر بيان شهير عن المجمع المقدس يدعو أبناء الكنيسة الأرثوذكسية الى أن يكونوا عامل وحدة وتماسك في البلد، وأن يكونوا عامل إنفتاح وحوار مع الآخرين، و جسر عبور للتلاقي والحوار البنّاء بين مختلف أبناء البلد الواحد. ويدعوهم هذا البيان الى نبذ العنف وعدم المشاركة في القتل وفي الحرب. وحتى وقت قريب جداً، كان هذا النداء هو الخلفية القائمة لدى كل أبناء الأرثوذكس الحاضرين والناشطين في الشأن العام.” ويختم الأستاذ رينيه أنطون حديثه مع “البيان” قائلاً: “إن المشروع الطائفي لا يخدم أي أرثوذكسي. وعلينا أن نذكّر أن فكر الإنجيل يناقض أي فكر طائفي. ان مصلحة الارثوذكس أو المسيحيين عموماً ليس بالحصول على حقوق الطائفة و حصصها، إنما عملياً بوجود دولة مواطنة يجتمع فيها الجميع دون أي تميز أو إستثناءات.”

لسنا أفراداً في قطيع… بل أبناء وطن واحد أما الدكتورة اسبرنس دبس لوقا، أستاذة مادة البيولوجيا في كلية العلوم، جامعة البلمند، فترى أن طرح اللقاء الأرثوذكسي الإنتخابي يرتكز على ان يكون لبنان دائرة إنتخابية واحدة. فتقول: “تختفي الدوائر في المناطق، وتنتخب كل طائفة أبناءها حتى إن كانت لا تعرفهم أو لم تسمع بهم أو هم من مناطق أخرى. ويعني ذلك أنه لم يعد بإستطاعتي أن أنتخب جاري المنتمي الى طائفة غير طائفتي، رغم كونه ابن منطقتي ويعيش في وسطنا ويقدم خدماته ويتمتع بكافة المواصفات المطلوبة. إن اقتراح اللقاء الأرثوذكسي، في ظل ما نعيشه ضمن نظام طائفي، يعيدنا الى الوراء، ولا يجعلنا نتقدم الى الأمام، تحت شعار الحصول على مكاسب للطائفة الأرثوذكسية أو لطوائف الأقليات. حالياً، إن الطائفة الأرثوذكسية قد أصبحت من الأقليات. لكن النظرة الأرثوذكسية الصحيحة لا تنظر الى الناس على أنهم أرقام أو أفراد في قطيع. نحن لسنا أفراداً في قطيع بل أبناء وطن واحد. أؤكد أنه في المقابل لا يوجد أي قانون حالياً مفيد لنا في لبنان، لا قانون إنتخاب العام 60 ولا غيره. لكن هذا غير جائز أن يدفعنا أن نطرح قانوناً إنتخابياً يكرّس تقوقع كل طائفة على حدة. وأن نشجع على بناء أسوار يعيش في داخل كل سور منها مجموعة هذه الطائفة ونصبح غير مكترثين لأمور بعضنا البعض.”

الإصلاح يكمن من داخل البيت في موضوع إختصار هذا التحرك على مجموعة من أبناء الطائفة الأرثوذكسية دون غيرها من الطوائف، تجيب الدكتورة دبس: “عندما يغلط الأب لا يمكن للجار أن يقول للأولاد إن والدهم قد أخطأ. إذن يجب أن يكون الإصلاح من داخل البيت وضمن العائلة. فلو جاء أي نقد لهذا اللقاء من غير أبناء الطائفة الارثوذكسية، وشخصياً لست ضد هذا النقد، لكنا دخلنا ضمن ما نعيشه من انقسامات طائفية في سجالات طويلة بعيدة كل البعد عن الموضوعية. ونتمنى أن تتوسع العريضة التي وضعنا عليها تواقيعنا في ختام البيان، في يوم من الأيام، لينضم إليها أبناء من غير الطائفة الأرثوذكسية يشاركوننا هذا الفكر التنويري.”

نرفض أي تكتلات طائفية وتضيف: “ليس لدينا أي تحركات في الوقت الحاضر. وأعتقد ان الخطوة الأولى كانت في صدور هذا البيان بعد أن ساد صمت كبير عقب صدور مشروع “اللقاء الأرثوذكسي” الإنتخابي، من قبل الهيئات الدينية والإجتماعية والسياسية الأرثوذكسية. وقد أثير هذا الطرح في محافل مختلفة، ونوقش من قبل الكثيرين، لكننا لم نسمع صوتاً أرثوذكسياً واحداً يرفض هذا المشروع. فجاء تحركنا على أثر ما شهدناه من حراك غير طبيعي لهذا التكتل الأرثوذكسي. وصدر البيان رداً ورفضاً قاطعاً لأي تكتلات طائفية وقطيعية.” وتختم الدكتورة دبس: “نحن لا نعيش في الغيوم ولا في الأحلام. إنها بداية مرحلة التغيير. طبعاً، لن تكون على أيامي ولا على أيام أولادي. نحن بحاجة الى ثلاثة أجيال أو أكثر حتى نشهد التغيير في نظامنا السياسي. ما نفعله اليوم هو زراعة بذور التغيير. وما نطلبه ان نصل في يوم من الأيام الى نظام مدني وعلماني في لبنان.”

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share