رسالة الفصح
فرحُ القيامة “لأنَّه بالصليب قد أتى الفرح لكلّ العالم”
عيدُ البشارة هو عيدُ التجسّد الإلهيّ، رأسُ خلاصِنا عيدُ الفصح هو كلُّ الخلاص، إبتدَأَ على الصليب حيث تمجَّدَ يسوع. جسدُ المسيح في القبر لم يَعْترِهِ فسادٌ والقبرُ وُجِدَ فارغاً تراءَى المسيحُ القائمُ للتلاميذ، لحاملاتِ الطِّيب وللخمسمائة. الَّذي ظهر ليس فرداً (individu) بل هو شخص (Personne)، أحدُ الأقانيم الثَّلاثة، الذي أفرغ ذاته بالتنازل الإلهي. إن لم نصمْ فكيف نتمجَّد؟!. أن لم نتألّم فكيف نفرح؟! إن لم نفرح فكيف نُعَيِّدُ الفصح؟
* * *
ولكن، كيف أذوق قوّةَ القيامة وسط التَّجارِب كلّها؟ كيف يكون المسيح معنا إلى منتهى الدَّهر؟، مع كلّ واحدٍ من أحبّائِه، في أيّ وضع كان فيه: في المرض، في الفقر، في الحزن والكآبة وحتى في الخطيئة. أتساءل: ماذا سيحصل؟ أين يصير العالم؟ هل هناك انفراج؟ هل هناك سلام؟ خبرةُ القيامة هي خبرةُ توبتِنا وإحساسِنا بالرَّجاء؟
“قيامةُ المسيح هي قيامتُنا من قبرِ الخطيئة والموت”، هذا ما قاله القدّيس سمعان اللاهوتي الحديث. ويضيف: “سرّ قيامة المسيح يتمُّ أوَّلاً فينا. المعرفةُ لا تكون بدون رؤيا، ولا الرؤيا بدون تحسُّسٍ. الرؤيا تأتي أوّلاً وبالرؤيا المعرفةُ والحسّ. كلُّ من يتحسَّسُ الأمور الفائقة على العقل قبل أن يأتي إلى الرؤيا يشبه الأعمى الذي يرفع عصاه أمام العدوّ فيصيب بالأحرى صديقاً له بينما يكون العدوّ جاثيًا أمامه مستهزِئاً به”.
لذا، لا نقول في الكنيسة “إذ قد آمنَّا بقيامة المسيح”، بل نقول: “إذ قد رأينا قيامة المسيح، فلنسجد للرَّبِّ القدوّس يسوع البريء من الخطأ وحده”.
* * *
الَّذي صُلِبَ هو الَّذي قام. النُّورُ الإلهيُّ يسطَعُ على وجهِهِ. هل يسطَعُ على وجهِنا؟ على وجه هذا العالم المصلوب من جرى خطاياه؟
المسيح قام! هل نقوم معه؟ هل العالم المخلوق الحزين يقوم معه؟ الجواب هكذا:
نعم!. نحن، في المسيح الحيِّ قائمون منذ الآن. منذ الآن نحن غالبون الخطيئة، غالبون الموت. هذا هو العيد، هنا الإحساس بالفرح، هنا الرؤيا: “عيد الأعياد وموسم المواسم”.
إفرحوا وابتهجوا، لا تيأسوا أبداً مَهما صار. هذا العالم الفاسِد هو على زوالٍ. ثقوا بأنَّ المسيح هو الغالب، وأنتم غالبون معه. هلّلوا لله!
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما