“المسيـح قـام مـن بـيـن الأمـوات” كشـف لـقـمّـة إيمـاننـا. وقـد درَجـت مـنـذ فتـرة عبـارة لـلتـعـزيـة بيـن الـذيـن يحسّـون بـالقـيـامـة. قـبـلـنـا الـقديس سيـرافـيـم الـروسي ألـّف عـبـارة تـحيـة لـه يقـولـهـا في كل لقاء: “يا فرحي، المسيح قام”. ونحن الذين لا نسـتـحـيـي بالإيـمـان فـي زيـاراتنا الفصحيـة لا نـزال نـردد: “المسيـح قـام”.
هل نبقيها جملة صارت مألوفة عند الأرثـوذكس أَم نُخـرجـها الى اللسـان من أعـمـاق القلب إحيـاء للـصـديـق الـذي نُسلـّم عـليـه ودعـمـًا لإيمانه وتشجـيـعـه على قبـول قـيـامـة المخـلـّص قـوة لـه وحـيـاة جـديـدة؟ إذا كنّا نعـنـيـهـا فـقـد نـكـون مسـروريـن او مـتـعـبيـن، مرضى او أصحّـاء، مـيـسـورين او محتـاجيـن. العـبـارة هذه فـوق كـل هـذه الأوضاع والظـروف الحيـاتـيـة، قـائـمـة وفـاعـلـة بـذاتها وناقـلة النعمة من أفواهنا الى أُذنـي الآخـر فـقـلـبِـه.
نتـلو القـولـة مـن قـداس الـفـصـح الـى خميــس الصعـود لـنـشـبـع جميعـًا مـن حيــويـة القـيـــامـة لـعـلمـنـا بأننـا انتـقلنـا مـن المـوت، ايّ نـوع مـن أنـواع المـوت، الى الحيـاة اذ لم يكُن فــي عـمـق الـنـفـس البشـرية فـرحٌ مـا دام المـوت منتصرًا والبشـرُ غيـر عـارفين الا الـمـوت. ولمـا عـرفـوا الحيـاة الجـديـدة فـي المسيـح لـم يبـقَ المـوت حـقـيـقـة راهـنـة وسـمّيـنـاه الرقـاد لعـلْـمـنـا بـأنـنـا بـالمسيـح نـنـتقـل الى حيـاة جـديـدة فـي السمـاء.
كل مشكـلـة الإنسان الموت وما قبله صعوبات نتخطّاها. ولما جـاء المسيح حلّ هذه المشكلة وتـلقّينا من المخلّص وعد القيامة. هذه هي القيامة الأخيرة او العامة. ولكن هذه القيامة الأخيرة تسبقها قيامة اولى وهي المعمـوديـة، وقيـامـات عـديـدة وهي توباتنا المتـلاحقة ومنـاولـتـنـا جسد الرب ودمه. وهذه تهيّء القيامة الأخيـرة. اي ان حياتنا صارت بالمسيح قيامة دائمة، واذا سقطنا يعود جسد المسيح ودمه لإحيائنا وإقامتنا في رجاء قيامات آتية.
نمط حياتنا تحن الفصحيين نمط قياميّ، وأناشيدنا أناشيد قيامة لأن كل كلام في الكنيسة يقود إليها ويحتويها ضمنًا او صراحة. لذلك ركّزنا أن كل أحد في مطلع الأسبوع هو فصح ويُذكر فيه القائم من بين الأموات. ولا شك أن تعييدنا يوم الأحد سبق تاريخيا تعييدنا للقيامة.
حتى يتم الفرح الفصحيّ فينا كل يوم ينبغي ألاّ ننسى ان ابن الله تجسد ليحيا حياتنا ويُلازمنا في كل شيء ما خلا الخطيئة. “إنْ حَيِينا فللرب نحيا، وإنْ مُتنا فللرب نموت” (رومية 14: 8).
يسوع يُساكننا في العيش وفي الموت. واذا التصق بنا في الموت يُحيينا توّا ولو بصورة غير منظورة. يجعلنا له ومعه الى أن يجمعنا في اليوم الأخير.
إن قرأتم هذا قولوا: “حقا قام”.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
رَعيّـتي تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس