وجه مطران عكار وتوابعها للروم الأرثوذكس المتروبوليت باسيليوس منصور رسالة الفصح جاء فيها: الاخوة والابناء الاحباء قبل الفصح بستة ايام اقام الرب صديقه اليعازر من بين الاموات بعد ان كان جسده قد بدأ بالانحلال . ويبدو من النص الذي يحدثنا عن هذه المعجزة العظيمة التي فيها خلق جديد واعادة الانسجام لما كان كان قد تفكك وفسد، أن العلاقة كانت وطيدة بين أفراد هذا البيت والسيد له المجد. وهؤلاء الافراد كانوا مريم، مرتا واليعازار شقيقهما الذي انهضه الرب من الموت. في هذا البيت بالذات جاء الرب مرة وبدأ يعلم جماعة من السيدات وكن كثيرات على ما يبدو ولهذا تضجرت مرتا من عدم مساعدة اختها لها في الخدمة فقالت للسيد الرب: اما يعنيك ان اختي قد تركتني أخدم وحدي؟ فأجابها الرب وقال لها: مرتا مرتا انك مهتمة بأمور كثيرة وإنما الحاجة الى واحد وقد اختارت مريم النصيب الصالح.
لهذا التنبيه والتعليم الذي علمه الرب للحاضرين وهو يتوجه الى مرتا صار مضرب مثل يقال في كل ما يتشتت في أمور كثيرة ويهمل المهمة التي أوكلت اليه أولا، يعطيها الاهتمام اللازم الذي تستحقه مهمته. ونحن نقول هذا المثل لكل المؤمنين بالله وباليوم الآخر، بأنه عليهم أن يتمموا المهمة بإيصاله الى الناس رحمة ومحبة وأمنا واطمئنانا. إذ نرى من خلال الاعلام المرئي والمسموع، ان الذين اقيموا على علوم الله ما عادوا مركزين على مهمة هذه الاقامة بل تشتتوا في غيرها ، ونسوا ان الله يحاسب الناس على تبعيتهم له وليس على تبعيتهم لغيره ويكافئهم على طاعتهم له ويهملهم في طاعتهم لغيره.
أيها الأحباء، طالما اننا نؤمن بأن القيامة صائرة وكل انسان مولود على وجه البسيطة له وقفته المؤكدة امام الديان العادل، فلماذا نتلهى بزحمة الامور المحيطة بنا في هذا العالم والكثير منها لا نحتاجه لا من قريب ولا من بعيد. هذه الاشياء الكثيرة تصبح في النهاية قبورا للرجاء الذي فينا، الى انها تلهينا عن الله وهذا هو المقصود من صراع الشرير لله في ميدان ساحته، الانسان، وميادينه الحياة البشرية.
ايها الاخوة ، قيامتنا وانتصارنا بان لا نتشتت ، وعلينا ان نكون جريئين في اتخاذ المواقف التي هي النصيب الصالح.
أما الطامة الكبرى التي أصيب فيها المؤمنون في هذه الايام، هو اقتناعنا بان ما وصل اليه هذا العصر من أنماط الحياة إنما هو نوع آخر يضاف الى الحياة المسيحية أو حياة الايمان. لذلك لا شائبة في اختيار احد الطرق الحياتية التي يعرضها العالم ويتمنون في كثير من الاحيان أن يسلكوا إحداها، إضافة الى ايمانهم النظري ان رجال الدين، في الشرق الذي هو منبت الايمان ومنطلقه الى كافة الشعوب، قد تشتتوا في هذه الايام فرقا وأحزابا. وبالرغم من انهم جميعا ينادون باسم الله المخلص المحب الرحمن والرحيم والذي حنانه يسع السماوات والارض ، نراهم متفرقين ، وبدلا من ان يكونوا هم ملوك المؤمنين، استعبدوا لمن يحن عليهم بمركز أو بمقام أو يعظم لهم في الكلام وبالتالي صاروا عبيدا لغير الله بالرغم من انهم لا يقرون بعبودية لغير الله.
إن البلاد العربية، بما فيها لبنان، لو حظيت برجال دين نظر غالبيتهم وفكرهم نحو السماوات، لما وصلت الى ما وصلت اليه، ولكانوا بالفعل هم رحمة للعالمين اقتداء واتباعا للانبياء. هذا نداء بسيط أوجهه الى كل رجال الدين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، أن يمسكوا بزمام الامور ضمن التعاليم الالهية، بالحرية والعدل والمساواة، فسيجدون انهم قد اختاروا النصيب الصالح لهم ولبلادهم ولشعوبهم لأن من اختار غير الله ذل. نجانا الله من كل ذل وعبودية ولا جعلنا بحاجة لغير وجهه الذي به قيام أمر الناس في هذه الدنيا وقيامتهم في الآخرة مكللين بالمجد والكرامة والفخار”.