ماذا عن عكّار التي شاركت الورشة النهضويّة والنبض النهضوي منذ حوالي ربع قرن وبالتالي ما يصحّ أيضا على المسيرة النهضوية في انطاكية ويصح في عكار فلا بدّ أن نستذكـر – حيث كان لي فرح المشاركة فيها- تلك التجربة الرائعة بعد أن نرى الواقع بعيننا البشريّة، بحيث أنه لا يمكننا أن نرى بعين الله الذي يرى كل شيء، نرى أنه كانت هناك حالة تصحّر على المستوى الكنسي في عكار وأقول بالعين البشريّة كي لا نعمّم، أتذكر الكنائس المهجورة أي اننا بالكاد تجد مصلّين في القداديس، وإنتشار التعليم الخاطئ والهرطقة دون رادع، واستهداف الكنيسة وتحجيم دورها الاجتماعي والرعائي، دعونا نتذكّر هذه المرحلة ولنتكلم مثلا عن المناولة حيث لم تكن موجودة، حصل تغيير كبير بنعمة الله في عكار حيث الكثير من الرعايا شهدت وتشهد حضورا شبابيا، وقد قدمت الحركة خداما للمذبح فأصبحت الصلوات متابعة والكنائس مفتوحة والمناولة متواترة والاستعداد للمناولة منتشر كذلك واقامة الأسرار والاعتراف، نحن عاصرنا جيلين فربما نشبه مريم المصريّة بشكل أو بآخر، عاصرنا جيلا لا يعرف شيئاً عن الأرثوذكسيّة اطلاقاً، وجيل إنكب على إكتشاف الأرثوذكسية وكنوزها، وغناها هذا حصل بنعمة الله طبعاً وبوجوه شملتهم الروح النهضوية من أجل الخدمة في كنيسة المسيح، من أجل أن أوضح الفكرة أكثر أود أن أسرد عليكم قصّة واقعية ذكرها لنا المطران باسيليوس، يخبرنا سيدنا عن شخص حركي من مشتى الحلو اسمه غصن كان يعمل اسكافي وكان يقدم كل مدخراته وتعب اعماله من أجل الاخوة الذين ينتقلون ضمن قرى وادي النصارى من أجل محاربة الهرطقة والبدع، شخص لديه مهنته ولكنه مكرّس كلياً للرب تعرّض لحادثة حريق كبير في جسمه وكان وضعه الصحي خطير فتم نقله للمستشفى، حين زاره أمين عام الحركة وقتها المطران جورج خضر محاولاً أن يخفف عنه الألم الناتج عن الحريق فكان جواب هذا الأخ الحركي البسيط والعميق جداً دعنا من هذا الكلام الآن لقد حان أوان صلاة الغروب، أردت أن أذكر هذه الحادثة لنعود إلى محبتنا الأولى وبساطتنا الأولى وإلى علاقتنا الأولى بالرب لا شك أن ما من ثمر يأتي إلاّ بالنعمة وما من شك أننا مدعوون أن نستسلم لهذه النعمة، لقد تكلمت الأخت أليسيا عن الصلاة وأنا أكمل أنّ النهضة لا تأتي من أشخاص لا يصلّون وكما نعلم أن المقياس الايماني للصلاة ليس فقط بالصلاة الجماعية وانما بالدرجة الأولى بالصلاة الفردية حيث على كلّ منّا الالتزام الدقيق بقانونه اليومي في الصلاة، وبالتالي خارج هذا الاطار عبث الكلام بأي أمر آخر، نحن نصلّي ونكتسب من خلال الصلاة الفضائل هكذا نتعلّم في الكنيسة.
وأيضا أريد أن أذكر أنه خلال مسيرة عكار، الكنيسة استهدفت من خلال الحركة بأقاويل واتهامات سياسية وغير سياسية ووزعت مناشير وحصلت اتهامات عديدة ولكن بالبساطة والاتكال على الله مع احتضان الرئاسة الروحية آنذاك للعمل بشكل كبير في الكنيسة، استطعنا استيعاب كل المواجهات والصدامات والاتهامات في ظل ظرف امني دقيق جدا حيث كانت أبسط الاتهامات تؤذي، ولا بد أن أكرر ما قالته الأخت اليسيا حيث أننا تربينا في هذه الأبرشية على حسن العلاقة والتناغم مع الرئاسة الكنسية وهذا أمر يحملنا مسؤولية كبرى ولا بد لنا أن نكمل به خصوصا مع سيدنا الذي طلب مني في حديث سابق معه أن نقوم بدور نشر الكلمة، والانتقال الى الرعايا التي لا يوجد فيها نشاط شبابي، لذا أدعو الأخوة جميعا والأخوة في المركز خصوصاً فنحن علينا مسؤولية في المرحلة القادمة أن ننتقل بعمل مدروس ومنسّق وبكل استعداد الى الرعايا والقرى التي لا تحوي عملاً شبابيا ونهضويا وكنسياً، لقد تكلمت مع رئيسة المركز ونحن بحاجة الى تصوّر أكيد بالتنسيق مع صاحب السيادة وباشرافه والأمانة العامة مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم لهذا العمل، ليس مقبول اليوم بعد أكثر من خمس وعشرون سنة من العمل الحركي في عكار أن تكون هناك رعايا نستطيع أن ندخلها ونبذر فيها الكلمة ونتخلّف عن ذلك، ونحن مدعوون في عكار كما ذكرت سابقا بشكل عام الى التقييم والتقويم وتقبل النتائج بمحبة من أجل الاتعاظ من الأخطاء، حتماً حصل أخطاء وحصلت مقاربات لم تكن مفيدة، حتماً كان هناك أشياء كنا نستطيع أن نقدم عليها ولم نفعل، لذا أنا أدعو الأخوة في عكار إلى البدء بهذه الورشة.
أخيراً يا أخوة دعوني أوضح خلاصة هذا العيد، فنحن إلى ماذا مدعوون؟ نحن مدعوون بالدرجة الأولى أن نلتزم قضية المسيح، وحتماً كل حركيّ هو شخص ملتزم فلا يجب أن نكرّر دائماً موضوع الالتزام وضرورة الصلاة فحتما كل حركي هو ملتزم، من لا يريد أن يلتزم فلا يتعب نفسه يجب أن نكون واضحين مع أنفسنا وضوحا كاملا بهذا الموضوع، نحن نتكلّم كأشخاص أحرار، يفترض أننا إخترنا وأقدمنا، الحركة هي خيار التزام فانت لست حركيا ان كان موضوع الصلاة لديك قابل للنقاش، والحركي يعيش الكتاب المقدس ويسعى دائما أن يفهم عقيدته، هو شخص يصلّي وبالتالي هو شخص تائب لأنه مهتم بالشهادة بيسوع المسيح، وموضوع الشهادة يضع علينا مسؤولية لا تأتي لا من رئيس المركز أو الأمين العام بل كل شخص حركي هو مسؤول عن الشهادة في الكنيسة ومسؤول أن يبدع أطر جديدة في الكنيسة أي في بيته وعمله وجامعته وعائلته، حيث يتواجد كل حركي هو شاهد ليسوع المسيح.