الأمير الحسن يدعو الى عمل إسلامي مسيحي مشترك لاظهار عظمة القدس

mjoa Thursday May 17, 2012 77

قال سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية، إننا ملامون عربياً وإسلامياً لغياب الانفتاح الثقافي على بعضنا البعض منذ فترة طويلة بسبب مفاهيم السيادة وعدم تطوير الحوكمة العربية الإسلامية ما بعد السيادة، الأمر الذي لم يؤدّ إلى تفعيل الحوارات الجادة بين المواطنين.

وأكّد سموه خلال رعايته ومشاركته في اللقاء الحواري ‘العرب المسيحيون والعيش الإسلامي المسيحي المشترك’ الذي نظمه المعهد الملكي للدراسات الدينية بالتعاون مع جمعية المانونايت المركزية في عمّان اليوم الثلاثاء، أن العيش المشترك لا يعني بالضرورة التناغم القيمي، فهو قد يفسّر بتعدد وجهات النظر في إطار مدني؛ مشدداً على الحاجة إلى تفاعل اجتماعي تفتقده المدن الكبيرة.

واضاف سموه أن السيادة لله، أما سيادة الحكومات فلا بدّ من تجسيرها في التركيز على نظام عربي قيمي جديد، فالحريات الأساسية لا بدّ أن تجمع بين حقوق الإنسان والقانون العالمي الإنساني والمعاهدات والقوانين الدولية بالإضافة إلى المواقف المختلفة التي تتبناها الأديان.

واكد سموه المكانة العظيمة التي تحتلها القدس في نفوس وقلوب المؤمنين؛ داعياً إلى عمل إسلامي مسيحي مشترك من أجل إظهار عظمة القدس في الضمير، فغياب السلطة المعنوية المشتركة يؤدي إلى تآكل النسيج المجتمعي والتضامن العربي الإسلامي المسيحي المشترك.

وشدد سموه على أن المسميات المتعددة والمدارس الجديدة التي تظهر بين الجماعات الإسلامية تمثل أطرافاً معينة أو تيارات محددة، لكنها لا تمثل المنظور والحوار الإسلامي جلّه؛ داعياً إلى تفعيل الإسلام الممارس من خلالة مأسسة المفاهيم الإسلامية المهمة مثل تأسيس صندوق عالمي للزكاة.

ودعا سمو الأمير الحسن إلى ضرورة التحول إلى مفهوم جديد للأمن الكلي بتفعيل المعرفة التجريبية التي هي موضع ثقة عند المواطن اكثر من أي نوع آخر من المعرفة، إلى جانب إيجاد محكمة عربية إسلامية لحقوق الإنسان والتركيز على بلورة مفهوم المواطنة.

من جهته، قال مدير المعهد الملكي للدراسات الدينية الدكتور كامل أبو جابر، إن موضوع اللقاء الحواري في غاية الأهمية في هذه المرحلة التاريخية التي تمر بها منطقتنا في ظل ما بات يعرف بالربيع العربي، وهل سيقود لا قدّر الله إلى مزيد من الكرب والضنك اللذين باتا يعصفان بأمتنا في هذا الزمان.

واضاف أبو جابر أنه أصبح واضحاً اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الغرب الذي تمكنت الصهيونية من التغلغل في جوفه منذ مارتن لوثر إلى درجة باتت الحضارة الغربية تُعرف معها بالحضارة اليهودية المسيحية؛ مشدداً أن مسألة العيش الإسلامي المسيحي المشترك تعد أكثر أهمية مما يظهر على السطح، فإذا ما تم تهجير المسيحيين العرب، فإنه يصبح بمقدور إسرائيل، التي يعتبر الغرب أنها تشكل الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، أن تزعم أن الصراع ذو طابع ديني مع الإسلام الذي نجحت إسرائيل في وسمه بالإرهاب والدموية لدى أذهان الساسة في الغرب.

وقال أبو جابر أن أهل المنطقة بكل أطيافهم ومللهم، مسلميهم ومسيحييهم، يعيشون في حالة من القلق والخوف والتخوف، وليس هناك دولة عربية، باستثناء الأردن، عالجت مسألة الأقليات وفق ما يتطلبه الأمر من حصافة وحكمة؛ محذراً من أن القضاء على المسيحية في المشرق أمر في غاية الخطورة، وإذا ما تم هذا الأمر فإن أحد أروع مظاهر الحضارة العربية الإسلامية الذي يكمن في التعددية التي شاءها الخالق سيختفي من هذه المنطقة.

وشدد وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور عبدالسلام العبادي، على أهمية اللقاء وتعدد المشاركين فيه في خضم ما يجري من أحداث في المنطقة؛ داعياً إلى وضع توصيات واضحة بشأن الوضع المسيحي في المنطقة الذي يعتبر تهديده تهديداً لطبيعة المنطقة وتعدديتها.

وأوضح العبادي أن هناك عملية إخلاء متعمد ومقصود في مدينة القدس يقوم الجانب الإسرائيلي بتوظيفه في غير صالح المسلمين، الذين يتم تصويرهم على أنهم إرهابيون وأنهم هم الطاردون للمسيحيين من المنطقة؛ محذراً أن أخطاراً بالغة ستقع ومشكلات كبيرة ستحدث إن لم تتم معالجة هذا الأمر.

وقال رئيس طائفة السريان الأرثوذكس بحلب نيافة المطران يوحنا إبراهيم، إن من حق المسيحيين أن يدافعوا عن حضورهم ويؤكدوا شهادتهم المشتركة في كل المجتمعات انطلاقاً من إيمانهم بأن العيش المشترك هو جزء من هذا التراث والتقليد والقيم التي توارثناها قبل أربعة عشر قرناً.

وأضاف نيافته إن من يقرأ السيرة النبوية يتحقق أن النبي العربي محمد قد اعترف بالمواطنة بين سكان المدينة من مسلمين مهاجرين وأنصار من أوس وخزرج ومن اليهود على اختلاف قبائلهم، معتبراً أن العيش في وطن واحد، أي المدينة، هو أساس التعاقد والتعامل بين الجميع.

وقال وزير الأوقاف الفلسطيني محمود الهباش إنه لا توجد ثقافة لدى المسيحيين أو المسلمين في هذه المنطقة تلغي الآخر، والقدس هي النموذج الأكثر تميزاً للتضامن الإسلامي المسيحي، فالمسيحيون لا يستهدفون المسلمين والمسلمون لا يستهدفون المسيحيين، إنما هناك مشروع استيطاني إحلالي لإفراغ المدينة المقدسة من هويتها العربية الإسلامية المسيحية.

وأوضح الهباش أن هناك جدلاً قائماً حول التواصل مع القدس وزيارتها، وثمة اختلافات واجتهادات ورؤى مختلفة حول هذا الأمر، لكن للجميع هدفاً واحداً هو إنقاذ المشروع الحضاري الإسلامي المسيحي المشترك الذي بني قبل أربعة عشر قرناً في هذه النقطة المشعة من العالم.

المفكر العربي المصري المعروف حسن حنفي قال إن القضية قضية هوية: من أنا؟ أنا عربي ولساني عربي، لست طائفياً ولا عرقياً، ولا أنتمي إلى طائفة أو قبيلة، فالموضوع هو موضوع الهوية العربية؛ مشيراً إلى مختلف مشروعات نشر النصوص الدينية اليهودية والمسيحية في مصر، والتي تدخل ضمن عدم التفريق بين الأديان كأديان.

وحذر حنفي من أنه ليس لدينا كعرب إحساس بالمواطنة والانتماء إلى أرض؛ مشدداً على أن المسيحيين العرب هم الذين حفظوا التراث العربي وأسسوا الصحافة العربية والقواميس العربية وغيرها، والسبب في حالة التشتت الراهنة، حسب حنفي، هو النظم السياسية، وحالات التخلف، وتحويل الكثير من القضايا والخلافات الاجتماعية إلى قضايا ذات صبغة طائفية.

قال المدير العام للمركز الوثائقي للقانون الدولي الإنساني في لبنان الدكتور عبد الحسين شعبان، إن المنطقة العربية كلها ضربت بموجة من التطرف والتعصب والغلو، ومن هنا تكمن أهمية البحث في العلاقة المسيحية الإسلامية.

وأضاف شعبان ‘إننا نعيش في حاضر معقد متشابك وتحديات كبرى تواجه المنطقة، والمشكلة تتعلق بالمواطنة وحرية التعبير والمشاركة خصوصاً فيما يتعلق بتولي المناصب العليا، فإذا فصّلنا هذه المشكلات نجد اختلالا في موقع المسيحية في الدولة العربية المشتركة’.

وشارك في اللقاء الحواري رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار في السعودية الدكتور حامد الرفاعي، ورئيس أكاديمية الكوفة الدكتور محمد الطريحي، وإمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك فضيلة الشيخ الدكتور عكرمة صبري، والعين مروان دودين.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share