جددت أول من أمس الجامعة الأنطونية تقليدها السنوي من خلال تكريمها أسماء علم طبعت تاريخنا المعاصر. وكان أول من أمس يوم متروبوليت جبل لبنان للروم الأرثوذكس المطران جورج خضر والذي كرمته الجامعة ضمن إطار “سلسلة اسم علم”، ولمناسبة اصدار كتاب عن المكرم حمل عنوان “جورج خضر: أسقف العربيّة” وهو من منشورات الجامعة.
غصت القاعة في حرم الجامعة الرئيسي في الحدث بعبدا بشخصيات رسمية ومحبي “سيدنا” خضر وأبرزهم المطران منجد الهاشم ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
استهلّ الاحتفال بكلمة لرئيس الجامعة الأب جرمانوس جرمانوس الذي تحدّث عن العلاقة التي تربط أسقف العربيّة، المحبّ القاسي كما وصفه، بلبنان والكنيسة والانسان واللغة العربيّة. فقال: “لبنان خضر هو “رقعة مع ناسها” لا تستطيع أن تحبّها من دونهم أو أن تدّعي رباطا صوفيّا بها ما لم تحبّهم. هم ككتلة بشريّة منظورا اليها واحدة لا اقصائية”، محبّة تجعل احتكاك اللبنانيّ باللبنانيّ مواجهة لا مجابهة، مقابسة لا معاكسة”. أضاف: “كنيسته يقسوها أيضا. ينتقد الأنانيّات المتحكّمة ببعضها (…) أما انسانه المؤمن فهو مدعوّ الى أن يحمل العالم الى فوق، أن يعايش الله في كلّ تفاصيل حياته (…).
بعدها كان عرض لوثائقي بعنوان ” لو حكيت مسرى الايمان ” من اعداد طلاّب كليّة الاعلان تبعته كلمة لنائبة الرئيس للشؤون الثقافية باسكال لحود، أشارت فيها الى” أن الكتاب هو الاصدار السادس في سلسلة “اسم علم” يحوي بطاقة تعريفية بخضر، تتضمّن أبرز مراحل مسيرته الكهنوتيّة والأكاديميّة، حتّى الآن، وثبتا بمؤلفاته.
أما القسم الثاني فعبارة عن ثمانية دراسات تتناول أوجها مختلفة من نتاج وفكر المحتفى به شارك في وضعها عدد من المفكّرين والباحثين.
وفي كلمتها، أشارت لحّود الى أنه ما من أحد حدّث العالم والكنيسة الجامعة عن قضايا العرب كما فعل خضر الذي تحدّث الى العرب وكتب بالعربية من أجل العربية فاستحق أن يكون أسقف العرب والعروبة والعربيّة.
وفي حفل تكريمه تكلّم المطران خضر عن ألمه وحزنه الكبير لرؤية الكنيسة متحوّلة الى “تجمّع بشريّ فيه تفاهة كبيرة” واستدرك قائلا، “الا أن ذلك لا يمنع من أن يلتمع فيها دائما ضياء القدّيسين فأبكي وأفرح وأحاول ألاّ أستريح”.
ولفت الى أن الكثيرين لا يفهمون أن الفكر اللاهوتي نهج من مناهج الحبّ، وسأل: “ماذا يدعوك الى الكـلام في الله سوى العشق لننال عقول الناس؟”، مؤكدا أنه “لن يكون عندنا نحن علماء في الله ما لم نكن الهيّين أي غير بادئين مع الزمان (…).
وبعد عرضه لإشكالية العقل والقلب، عند استقلالية ومحدودية الأوّل وانفعالية وطراوة الثاني، سأل: “هل تصل أوروبّا الشرقيّة اذا تحرّرت سياسيّا وقويت اقتصاديّا الى أن تحوّل أوروبّا الغربيّة اليها في بشرة واحدة؟ هل يتحرّر الشرق الأدنى من خوف عقله وقلبه ليساهم في تجدّد الانسانيّة، وتبدو البشريّة جمعاء قائمة في لطف الله ولا تخسر شيئا من العظمة التي حقّقتها حتى الآن في العلم والثقافة، لا سيّما وأنّ الله يريدنا حوله بكلّ طاقاتنا حتى لا ينفصم اللاهوت عن الناسوت ولا يختلطا.
وفي الختام تسلّم المحتفى به درع “اسم علم” من الأب جرمانوس. كما تسلّم درعا آخر قدّمه اليه رئيس البيت اللبناني الروسي الدكتور سهيل فرح باسم أصدقاء المطران خضر. ثمّ أزاح الستارة عن لوحة تذكاريّة في الباحة الخارجية.