والدا يوحنا هما زكريا الكاهن وأليصابات، كلاهما من سبط لاوي. وكان زكريا وأليصابات بارّين أمام الله، لكن لم تكن لهما ذرّية لأن أليصابات كانت عاقرا. وتقدما بالعمر، واصبح إنجابهما ولدا، بشريا متعذرا، رغم ذلك لم يكفّ زكريا عن الطلب إلى الله. لكن تبيّن في أوانه أنّ حرمان زكريا وأليصابات من الذريّة، كان من ضمن قصد العليّ لهما لأنه شاء أن يعطيهما صبيا لا من عمل الجسد وحسب بل، بالأولى، من عمل النعمة التي تحيي الأرحام العاقرة وتخصبها.
فبينما كان زكريا يقوم بأداء الخدمة في نوبة فرقته أمام الله في الهيكل، على حسب عادة الكهنوت، تراءى له ملاك الربّ واقفا عن يمين المذبح.طمأنه الملاك قائلا: “لا تخف يا زكريا لأنّ طلبتك قد سمعت وامرأتك أليصابات ستلد لك أبنا وتسمّيه يوحنا”. وتابع الملاك فقال إنه “يكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته لأنه يكون عظيما أمام الربّ وخمرا ومسكرا لا يشرب. ومن بطن أمهّ يمتلىء من الروح القدس. ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الربّ إلاههم. ويتقدّم أمامه بروح إيليا وقوتّه ليردّ قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيّ للربّ شعبا مستعدا. معنى الإسم يوحنا هو”يهوه يعطي نعمة”.وكان أنّ زكريا شكّ فأخرس إلى اليوم الذي تحقّق فيه قول الملاك.
وبالفعل حبلت أليصابات، بعد تلك الأيّام بوقت قصير،واخفت نفسها خمسة أشهر. ويشار إلى أنّ أليصابات كانت نسيبة مريم وثمّة من يقول إنها ابنة خالتها. فلمّا تمّت أيام أليصابات ولدت ابنا وسمع جيرانها واقرباؤها أن ّ الربّ عظّم رحمته لها ففرحوا معها. وفي اليوم الثامن لولادته جاؤوا لختانته وارادوا أن يسمّوه باسم أبيه زكريا. فأجابت أمّه وقالت لا بل يسمّى يوحنّا.وبعد جدل أومأوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمّى فكتب على لوح: “اسمه يوحنا”. وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلّم وبارك الله وامتلأ من الروح القدس وتنبأ: “وأنت أيها الصبي نبي العليّ تدعى لأنك تتقدّم أمام وجه الربّ لتعدّ طرقه. لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم”.
أما الصبي فكانت يد الربّ معه، وكان ينمو ويتقوّى بالروح وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل. ثم إنّ يوحنّا الأتي الممتلىء من الروح القدس ردّ كثيرين من بني إسرائيل إلى الربّ إلههم.
طروبارية القدّيس يوحنا المعمدان
أيها النَّبي السَّابق لحضور المسيح، إننا لا نستطيع نحن المكرِّمين إياك بشوقٍ، أن نمدحكَ بحسب الواجب. لأنَّ بمولدكَ الشَّريف الموقَّر، إنحلَّ عُقر أمِّك، ورباط لسان أبيك، وكُرزَ للعالم بتجسُّد ابن الله.