عاش سنوات طويلة حبيسًا في مغارة القدّيس أنطونيوس الكهفي. روى القدّيس قصت حياته لسائل أتاه ليساعده في التغلب على شهوة الجسد التي تحاربه فقال:
“لمّا وصات إلى هذا الدير المقدّس اجتاحتني تجارب الجسد بعنف ولا أشدّ. حاولت أن أجاهد بالبقاء يومين أو ثلاثة أو حتى أسبوع من دون طعام، حارمًا نفسي من الماء ومحيّيًا الليل في الصلاة، لكن لم يكن شيء كافيًّا. فبعد جهادات شهاديّة دامت ثلاثة أشهر انتقلت إلى مغارة القدّيس أنطونيوس الكهفي، بقرب ضريحه، لأصلّيَ ليل نهار.
فسمعت صوت القدّيس يقول لي أن أبقى هنا حبيسًا في الصمت والصلاة لأخلص من فخاخ العدو، ومضى على ذلك 30 سنة لم أجد فيها الراحة إلا منذ فترة قصيرة. وخلال كلّ تلك السنوات لك أكف عن الجهاد ضدّ الأفكار النجيسة بالصوم والسهر. وحاولت خلال فترة الصوم الكبير إذلال نفسي لكي أستطيع محاربة الشيطان وكنت أرد هجمات الشيطان برسم الصليب والدعاء باسم يسوع المسيح. وكان صوت الربّ إلي أنّه مساعد لي في محاربة الشيطان”.
وبعد أن أنهى خبره قال للشاب: “قي الحقيقة نحن من أنفسنا نخضع لشهوة الجسد وإذ لا تكون لنا توبة حقيقيّة يتركنا الربّ هدفًا للتجارب.”
رقد القدّيس بسلام بعد هذه الحادثة بقليل ووري الثرى في الحفرة التي أمضى فيها الصوم الكبير لمحاربة شهواته والشيطان، فتحوّلت إلى ضريح منبع للأشفية.