الخطف رجسٌ من عمل الشيطان

mjoa Wednesday August 22, 2012 146

(إلى س. ع. العائد من الجحيم)
“الخطّاف” اسم من أسماء الشيطان، والنشّال لصٌّ خطّاف. و”الخاطف” اسم من أسماء الذئب. و”اختطف”، نشل واستلب، وسطا عنوةً. و”خطف” أحدهم إنساناً “أمسك به وأخذه قسراً،ً محتجزاً إيّاه في مكان ما، طمعاً في فدية أو ابتغاءً أمراً آخر”. واختطفه الموت انتزعه وذهب به. ولا نجد في اللغة معنىً إيجابياً لفعل الخطف سوى اثنين هما “خطف البصر”، أي الانبهار والاندهاش بأمر عجيب، و”الانخطاف بالروح” أي الوصول إلى حال السعادة القصوى والنشوة الروحيّة.

وينسب القرآن في آيات ثلاث فعل الخطف إلى مشركي مكّة، فيقول: “وقالوا إن نتّبع الهدى معك نُتخطّف من أرضنا” (سورة القصص، 57)، ويقول أيضاً: “واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعَفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم الناس، فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطيّبات لعلكم تشكرون” (سورة الأنفال، 26)، ويقول أيضاً: “أوَلم يروا أنّا جعلنا حرماً آمناً ويُتخطّف الناس من حولهم، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون” (سورة العنكبوت، 67).

الخطف عمل من أعمال الشيطان، لا تجوز نسبته إلى الله أو إلى غاية شريفة. وقاع الخطيئة أن يُنسب الشرّ إلى الله، أو أن يُعتبر الشرّ خيراً والخير شرّاً. كما أنّ فعل الشرّ لا يبرّر شرّاً مقابلاً، فالغاية مهما كانت سامية لا تبرّر الوسيلة الشرّيرة. والخطف والخطف المضادّ كلاهما مدان، وبخاصة حين يكون المخطوفون أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل بما يحدث حولهم. ويزداد الأمر سوءاً حين تكون دوافع الخطف دينيّة أو مذهبيّة أو طائفيّة…

سادت في الآونة الأخيرة دُرجة مقيتة، وهي إطلاق لقب “الضيوف” على أناس اختُطفوا مكرهين ومرغمين من غير إرادتهم. فالضيف هو مَن يأتي بحرّيّته وبإرادته لزيارة مضيفه، ومَن له الحقّ بأن يغادر دار مضيفة ساعة يقرّر ويشاء. يزّين الخاطفون صنيعهم السيّء بظاهر صالح، فيما نجد في اللغة أن فعل “استضاف بفلان” يعني “استغاث به”. ينقلب المعنى إلى عكسه، فيصبح الخاطف مغيثاً ومنجداً للمخطوف! ولو لم يكن الخاطف مدركاً أن فعلته بغيضة لما أضفى عليها تسمية حسنة.

واجب المضيف إكرام الضيف، كما فعل إبرهيم مع الملائكة الذين زاروه ليبشّروه بولادة ابنه إسحق: “هل أتاك حديث ضيف إبرهيم المكرّمين. إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلامٌ قومٌ منكَرون (أي غير معروفين)” (سورة الذاريات، 24-25)، ثمّ بعدما عرّفوا عن أنفسهم أتى بعجل سمين وقرّبه إليهم… الضيف هو لدى مضيفه كالملاك المرسل من الله، وإكرامه إكرام لله نفسه، وحجّته السلام، وشرطه حرية الإرادة، ونتيجته الفرح والسكون والبشرى.

وأجب المؤمنين إكرام الضيف، والإكرام نقيض الإكراه: “لا إكراه في الدين” (سورة البقرة، 256). وكرامة الإنسان تتجلّى في حريته المطلقة. لا يمكن أحد أن يسلب حرية امرئ، ثم يقول إنه يستضيفه ويكرّمه. الخطف سلب للحرية البشريّة التي ميّز الله بها الإنسان عن سائر المخلوقات، لذلك يشكّل إساءة لله نفسه، عزّ وجلّ. الخطف رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share