في ذكرى مرور 25 سنة على رحيل المرتل الأوّل في القسطنطينيّة ثراسيفولوس ستانيتساس، وفي رعاية المطران جورج خضر، بادرت مدرسة الموسيقى الكنسيّة (البيزنطيّة) في أبرشيّة جبل لبنان للرّوم الأرثوذكس إلى دعوة أثناسيوس بايفاناس وهو تلميذ ستانيتساس إلى لبنان. فقدّم تدريباً لمرتلي مدرسة جوقة جبل لبنان الأرثوذكسيّة في نمط ستانيتساس إضافة إلى محاضرات في الموضوع نفسه.
واختتمت الدّورة بأمسية مرتلة على نمط ستانيتساس قاد فيها بايفاناس مرتلي جبل لبنان على الدّروب الذهبيّة في تاريخ الموسيقى البيزنطيّة القسطنطينيّة، في كنيسة النبي الياس للرّوم الأرثوذكس في الرّابيه.
وتحدث قائد الجوقة جوزيف يزبك عن ستانيتساس، لافتاً الى ان كنيسة البطريركيّة الأرثوذكسيّة المسكونيّة مرجع التقليد الشفهيّ الأقدم في الترتيل البيزنطيّ. فكلّ جملة لحنيّة تؤدّى في هذه الكنيسة تحمل في حنايا نغماتها صدى أجيال من المرتلين الأول، تعاقبوا على قرّاية هذه الكنيسة فحفروا أسماءهم على صفحات تاريخ الموسيقى
البيزنطيّة.
وقال إنه في عام 1964، دُفنت حقبة تألق موسيقيّ في هذه الكنيسة. ففي هذه السّنة كان ثراسيفولوس ستانيتساس عميد المرتلين الأول في كنيسة القسطنطينيّة يُرتل ويُبدع من على قرّاية كنيسة الفنار، ففاجأه الأتراك، فلملمَ مخطوطاتِه البيزنطيّة على عجل وبعضًا من كتب وهاجَر، فهاجرت معه حقبة لامعة في تاريخ الموسيقى البيزنطيّة الحديث في القسطنطينيّة. وحمل من الكتب ما تيسّر، ولكن في عقله، بل في قلبه، حمَل التقليد الكامل لتراتيل هذه الكنيسة وحفظها عن ظهر قلب بحسب أداء من خلفوه على تلك القرّاية. وانطلق إلى لبنان ثمّ قبرص ومنها إلى اليونان حيث أزهرت ألحانُه وغمر بأسلوبِه كلّ بلاد الإغريق طابعًا ترتيل القرن العشرين فيها ببصماته الواضحة.
وستانيتساس الذي هو قائد جوقة “أصدقاء الموسيقى في القسطنطينيّة” وبعدها في اليونان، صنع منها أهمّ جوقة في تاريخ البيزنطيّة فجال بها أقطار العالم ناشرًا التقليد بأداء محترف حديث في دقته وأمين في روحانيّته. وتوفي في 18 آب 1987 كأبرزِ مرتل في القرن العشرين والأكثرِ تأثيرًا حتى يومنا في مرتلي البيزنطيّة في العالم.
وختم معاهداً على الأمانة. نعاهدُك على حفظ التقليد وعلى تقديمه بأبهى حلّة تليق بالخالق. نعاهدكَ بألا نخاف من التحديث في الشكل فنقدّم التراثَ مَعيوشًا حيًّا. نحافظ بجُرأة العارفين وسلاحنا الدّراسة والبحث العِلميّ.