مجمع الكنيسة في البحرين بين سنّة متشددين وشيعة رافضين

mjoa Monday September 24, 2012 108

كان من المفترض ان يشكل بناء اكبر كنيسة كاثوليكية في الخليج العربي فرصة للبحرين، هذه المملكة الجزيرة الصغيرة، لاظهار تقاليدها الدينية في التسامح، في منطقة اسلامية محافظة، حيث تعمل الكنائس في ظل قيود ثقيلة. بدلا من ذلك، تحولت الكنيسة المخطط لها لتكون المركز الرئيسي للكاثوليك في المنطقة، نقطة اخرى للتوتر في بلد تتجاذبه مواجهات طائفية بين السنة والشيعة.

بشدة، يعارض رجال دين سنة متشددون بناء مجمع الكنيسة، في تحد مفتوح نادر لملك البلد السني. فقد وقّع اخيرا اكثر من 70 رجل دين سني عريضة قالوا فيها انه ممنوع بناء كنائس في الجزيرة العربية، مهد الاسلام. وقبل ذلك بنحو شهر، اعلن احد رجال الدين البارزين، الشيخ عادل حسن الحمد، في خطبة الجمعة ان لا مبرر اطلاقا لبناء كنائس اضافية في البحرين، و”ان كل من يعتقد ان الكنيسة مكان حقيقي للعبادة شخص خرج عن ايمانه بالله”.

وردا على ذلك، امرت الحكومة البحرينية بنقل الحمد من مسجده الواقع في منطقة الرفاع النخبوية، حيث يعيش العديد من اعضاء الاسرة المالكة، وحيث يملك الملك قصورا عدة. غير ان امر النقل تسبب بموجة احتجاجات من رجال دين انصار على مواقع التواصل الاجتماعية، ومن كتل سياسية تتمتع بقيادة سنية، وفي النهاية، أُجبرت الحكومة على الغاء امرها.

كل هذا الصخب يعكس النفوذ والثقة المتناميين للجماعات السنية المتشددة، التي طالما شكلت الدعم الرئيسي للملكية في وقت تواجه موجة احتجاجات من شيعة يطالبون بحقوق سياسية اكبر. فمع ان الشيعة يشكلون نحو 70% من سكان البحرين البالغ عددهم نصف مليون نسمة، فانهم يزعمون انهم يتعرضون لتمييز ضدهم على نطاق واسع، ومن نقص في الفرص نتيجة منحها الاقلية السنية.

كذلك، اعتمد النظام الملكي في شكل كبير على مساعدة من المملكة العربية السعودية المحافظة المتشددة، التي أرسلت العام الماضي قوات للمساعدة في سحق الاحتجاجات. وخلال نحو 19 شهرا من الاضطرابات، قُتِل اكثر من 50 شخصا واعتقل المئات في المملكة، الجزيرة الاستراتيجية، التي تشكل “موطناً” للاسطول الاميركي الخامس. وقد وعد حكام البحرين باجراء بعض الاصلاحات وحضوا على الحوار لتخفيف حدة الازمة. غير ان مواقف كل الافرقاء تصلبت.

فالعديد من الغالبية الشيعية يزعم ان النظام الملكي السني ليس مهتما باجراء إصلاحات من شأنها اضعاف احتكاره السلطة. وبقوة، يعارض أقدم رجل دين شيعي بحريني الشيخ عيسى قاسم، خطط الكنيسة، متسائلا عن السبب الذي يجعل الحكومة تتبرع بأرض لموقع مسيحي، في وقت تعرضت مساجد شيعية للتدمير في اطار أعمال القمع.

من جهته، يتساءل المحلل السياسي علي فخرو عن توقيت مشروع الكنيسة، في وقت لا تزال الأمة تواجه اضطراباتها الخاصة. “ما تحتاج اليه البحرين هو ان تحل قضاياها الداخلية الخاصة، بدلا من إضافة أشياء اخرى جديدة يمكن أن تكون مصدرا للمتاعب. فالصفيحة ممتلئة بالكامل”، يقول.

حتى اليوم، لم تؤدِ الانتقادات الى أي تغيير في خطط بناء مجمع الكنيسة، التي كان نظام الملك حمد بن عيسى آل خليفة يدعمها. والمجمع سيكون بحجم مركز تجاري كبير- حوالى 9 آلاف م2 (97 الف قدم مربع) – في عوالي، وهي منطقة قريبة من الرفاع، جنوب العاصمة المنامة. والمزمع أن يكون قاعدة للفاتيكان من اجل المجتمعات الكاثوليكية الصغيرة في شمال الخليج، وايضا مركزا روحيا للطوائف المسيحية الأخرى.

العمل على المجمع لا يزال في مراحله الأولى، ولم يُحسم اي موعد محدد لاستكماله، بما يترك المجال متاحا أمام شكاوى اضافية محتملة في الأشهر المقبلة. ومشروع الكنيسة جزء من تغيير قام به الفاتيكان العام الماضي لاقامة منطقة جديدة رسولية تغطي الكويت والبحرين وقطر والسعودية. ومن المتوقع ان ينتقل المقر الإداري من الكويت إلى البحرين.

ففي منطقة الخليج ذات الغالبية المسلمة الساحقة، يُعتقد أن هناك ملايين عدة من المسيحيين، وغالبيتهم العظمى عمال آتون في شكل كبير من شرق آسيا وجنوبها. وفي كل أنحاء دول الخليج، يتوجب على اماكن العبادة لغير المسلمين العمل سرا، ولا يمكن ان تفتش بنشاط عن مهتدين. وفي السعودية، تحظر الكنائس تماما، ويمنع أي ارتداء علني للرموز الدينية غير المسلمة.

لكن البحرين تتمتع بتقليد متعدد الدين وبالتسامح، ما يجعل وضعها هذا فريدا في الخليج. فالدولة الجزيرة لديها العديد من الأسر المسيحية المنتشرة، التي هاجرت في الأصل من العراق وإيران أو من أي مكان آخر في أوائل القرن العشرين، واكتسبت الجنسية البحرينية عند حصول البحرين على استقلالها. وبالمثل، هناك ايضا يهود وهندوس من ابناء البلد.

العام 1939، بنيت أول كنيسة كاثوليكية في منطقة الخليج، على أرض تبرع بها أمير البحرين. وبناء مجمع كنيسة “علامة انفتاح مهمة للبحرين”، يقول أسقف المنطقة الكاثوليكي المطران كاميلو بالين في بيان، آملا “أن تكون البحرين نموذجا لدول أخرى أيضا”.

في أماكن أخرى من الخليج، اشتعلت مناقشات حول الكنائس المسيحية العام الماضي. ففي الكويت، اقترح نواب اسلاميون حظر بناء مزيد من الكنائس. كذلك دعا مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الى تدمير كل الكنائس المسيحية في شبه الجزيرة العربية. ولكن سرعان ما صرف النظر عنها كل القادة الإسلاميين تقريبا في المنطقة.
بين القادة المسيحيين غير الكاثوليك الـ19 الذين اجتمعوا ايضا بملك البحرين من اجل عرض المشروع، كان القس هاني العزيز من كنيسة البحرين الإنجيلية الوطنية.
“البحرين بلد التسامح بين كل الأديان والمذاهب والأعراق. وهذا معروف جيدا عن تاريخها”، يقول. بالنسبة اليه، “بناء كنيسة  يتماشى مع هذه الصورة”.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share